إنعاش ذاكرة وخلاف إرث بين الجميّل وجعجع!… مرسال الترس

غريب جداً أمر معظم الزعماء المسيحيين وتحديداً الموارنة منهم! فمنذ آلت اليهم كرسي رئاسة الجمهورية قبل سبعة عقود ونصف، وهم يفتشون دائماً عن المبررات لشن الهجومات على بعضهم البعض وإختلاق المعارك (التي لم تكن في معظم الأحيان دونكيشوتية وإنما دموية إلى حدٍ مقلق). وآخر المشاهد ″السوريالية″ في هذا المجال، هو ″نتف الشعر″ الذي حصل مطلع هذا الأسبوع بين رئيس حزب الكتائب النائب المستقيل سامي الجميّل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

اللافت في المعركة المستحدثة أن الجميّل كان المبادر إليها وعبر قناة تلفزيونية أميركية، آخذاً على جعجع تقلُبِّه في معارضة طرح الانتخابات النيابية المُبكرة، ومن ثم في الحماس للدعوة اليها منذ فترة، متسائلاً على أي جنب سيستقر؟ وبعد أن عيّره بأنه كان مع التسوية التي أوصلت النائب العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، وبأنه هادن باسيل وعاش معه مرحلة الـ 85 % الوهمية، ليعود فينقلب عليه، ولذلك وصف الجميّل جعجع بالانتهازية وأنه لا يختلف عن المنظومة الحاكمة، ومتوصلاً إلى قناعة بأن “لا ثقة مع قيادة القوات”!

جعجع “لم يتنازل” للرد مباشرة على الجميّل لإنعاش ذاكرته، بل أوكل المهمة إلى “الدائرة الإعلامية” في حزبه عبر بيان تناقضت فيه مع نفسها منذ البداية. ففي حين استهلت “عظتها” بالقول “إنها لن تنجرّ إلى  سجالات سياسيّة عقيمة” عمدت إلى ردٍ مطوّل ومفنّد على كل كلمة تفوه بها رئيس الكتائب، حتى بات الرد وكأنه “قصيدة معلّقة من الجاهلية”، منعاً “لتضليل الرأي العام”، (المسيحي بالتأكيد)… فيما القوات تجهد” للّم شمل قوى المعارضة والتغيير في البلاد”!

وفيما جاء رد القوات على الانتخابات النيابية خالياً من “الحِجَّة المقنعة”، فإنه وقع في “الخطيئة المميتة” في تعليقه على الانخراط في التسوية الرئاسية حيث قال: “إنه إنعدمت أمام جعجع  الخيارات الأخرى”. في حين يدرك الجميع أن جعجع لم يكن ليتجاوز ترشيح نفسه والقبول بترشيح عون لو لم يُقْدِم رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري على التخلي عن معراب والتوجه إلى الرابية. في حين أن البديل كان متاحاً حين وطأ الحريري أرض بنشعي ولكن جعجع كشف عن مكنوناته العميقة حين فضّل القبول بعون، على أن يساعد رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه على الوصول إلى بعبدا.

وبعد أن إفتخر الرد بأنه “ليست الكوادر القواتيّة هي التي تترك حزبها وتنضمّ الى الكتائب بل بالعكس” ذكّر الجميل بالنتائج التي حققتها القوات في الانتخابات الأخيرة من دون أن يشير إلى حيثيات ما حصل تحت الطاولات، محاولاً التبرير بأن كل ما اقترفته القوات من أخطاء أثناء دخولها الى الحكم يمكن الصفح عنه لانها كانت تصوّت ضد الموازنات!

وعندما اتهم البيان الجميل بانه سهّل بأدائه الانتخابي وصول نائبين لقوى 8 آذار في كسروان، سارع النائب فريد هيكل الخازن الى التعليق قائلاً للقوات:” من مثلكم يجب أن يخجل ويصمت”!

وبين إنعاش هذه الذاكرة أو تلك يبدو وفق المتابعين أن الجميّل يتطلع إلى أن يلعب دور شقيقه بيار فيسعى لأعادة لملمة ما تبعثر من حزبه، فيما جعجع يصوّب للعب دور مؤسس القوات رئيس الجمهورية المنتخب الراحل بشير الجميّل الذي لم يكن في مخططاته الاّ “توحيد البندقية المسيحية” برغم كل ما جرّ ذلك من ويلات عليهم!

ويوصّف المتابعون لنشاط وتطور الأحزاب في لبنان حالة الجميّل وجعجع بشقيقين يختلفان على ورثة والدهما، فيتقاتلان ويتصارعان إلى أن ينتهيا، فيأتي طرف ثالث ليضع يده على الورثة ويستثمرها!..


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal