يضع اللبنانيون أيديهم على قلوبهم مع إصدار وزارة الصحة العامة بيانها اليومي حول إصابات ووفيات كورونا، خصوصا أن إرتفاع عدّاد الوفيات بهذا الشكل المخيف والذي وصل يوم أمس الى 53 حالة، بدأ يطرح سلسلة تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذه الزيادة، خصوصا أن الأرقام لم تكن تتعدى في السابق الـ 15 حالة في أسوأ الحالات.
واللافت هو أن عدّاد الاصابات الذي وصل الى أكثر من خمسة آلاف في اليوم الواحد، بدأ يتراجع، حيث سجل أمس 3144 إصابة أي بتراجع نحو ألفي إصابة عما كان في الاسبوع الفائت، إلا أن المفارقة هي أن عدد الوفيات يستمر بالتصاعد ما يؤدي الى تعميم الخطر الذي بدأ يطال الجميع.
يقول الدكتور وسيم قلعجية (الأخصائي في الأمراض الصدرية) لـ”سفير الشمال”: “اليوم لدينا مسارين، الأول هو إرتفاع مستوى الاصابات بكورونا، وهذا ناتج عن زيادة أعداد المواطنين الذين يجرون فحوصات الـ pcr، حيث كانت النسبة سابقا لا تتعدى العشرة بالمئة، في حين إرتفعت مؤخرا لتصل الى حدود العشرين بالمئة، والمسار الثاني هو أن هناك الكثير من المصابين بكورونا تتطور حالاتهم بعد اليوم الخامس أو السادس، ويضطرون الى دخول المستشفى، وهذا الأمر يزيد من نسبة الحالات الحرجة في صفوف المواطنين الذين يدخلون الى العناية الفائقة، وهذا الدخول يُظهر لديهم “إشتراكات” بأمراض مصابين بها سابقا، وتطورات مرضية أخرى تنتج عن كورونا، وبالتالي هذا يؤدي الى إرتفاع نسبة الوفاة.
ويضيف الدكتور قلعجية: كلما إزدادت الحالات الحرجة في المستشفيات، كلما إرتفعت نسب الوفيات، علما أن كثيرا من حالات الوفاة تنتج عن تجلطات في الدم، وفي هذا الاطار لا يوجد علاج فعال لكورونا، ولا يوجد دواء من شأنه أن يقضي عليه، بل نحن نعالج الآثار الجانبية لهذا الفيروس، لجهة تقوية الجسم، ومنع حصول الاشتراكات، والحد من تفاعل الفيروس، بما يؤدي الى ظهور أمراض مرافقة لكورونا غالبا ما تؤدي الى الوفاة، وفي مقدمة هذه الأمراض الالتهابات الرئوية الحادة والجلطات التي تضرب الرئة وتوقف القلب.
وحول تأثير الاقفال على التخفيف من الاصابات وبالتالي الوفيات، يقول الدكتور قلعجية: الاقفال يخفف من إنتقال الفيروس، والتخفيف من إنتقال الفيروس يخفف من إنتشار العدوى، والتخفيف من إنتشار العدوى يخفف من الاصابات، والتخفيف من الاصابات يخفف من الحالات الحرجة كما يخفف من حالات الوفاة، لذلك فنحن نحاول تخفيف إنتشار الفيروس وصولا الى تخفيف حالات الوفاة، في حين أن الأزمة الأساسية هي عدم القدرة على تأمين أسرة في العناية الفائقة لكل الحالات الحرجة.
وعما إذا كنا نتجه نحو النموذجين الايطالي والاسباني، يقول قلعجية: هذا التوصيف غير دقيق، فنحن ذاهبون الى نموذج أسوأ من الايطالي والاسباني، خصوصا أن الامكانات لدينا محدودة، بينما في إيطاليا وإسبانيا كانت كل الدولة مستنفرة من خلال القطاع الطبي، في حين أن الاستنفار في لبنان ليس عاما، والقدرات الاستيعابية في المستشفيات والمراكز الطبية وصلت الى الذورة، وأصبحت الحاجة الى الاستشفاء أكثر من عدد الأسرة الموجودة في المستشفيات، وهذا الأمر يأخذنا الى نموذج لبناني جديد وهو عدم التمكن من إدخال كل المصابين الى المستشفيات.
ويختم الدكتور قلعجية مشددا على إعتماد كل الاجرءات الوقائية لجهة التباعد وإلتزام الكمامة واللجوء الى التعقيم المستمر، لأن الأمور بلغت مرحلة شديدة الخطورة.
مواضيع ذات صلة: