أين أصبحت الحكومة؟!… غسان ريفي

لم يحمل العام الجديد أية بشائر أو مؤشرات حول إمكانية ولادة الحكومة التي ما تزال عملية تأليفها تقف عند ″رصيف″ العام الفائت بانتظار من يأخذ بيدها مجددا، ويعيد تحريكها بشكل إيجابي وصولا نحو التوافق الحكومي المطلوب لمواجهة الانهيار الذي يتمدد على كل صعيد.

لا أحد يمتلك جوابا شافيا حول مصير الحكومة، فالرئيس سعد الحريري ما يزال خارج البلاد في إجازته العائلية (من المفترض أن يعود خلال الساعات الـ48 المقبلة)، ورئيس الجمهورية ميشال عون يحتجز التشكيلة الحكومية في أدراج مكتبه بإنتظار إعادة صياغتها بما يمنح جبران باسيل الضمانات الكافية للبقاء ضمن المعادلة السياسية في حال حصول أي طارئ أو فراغ، والخلاف ما يزال على أشده حول حجم الحكومة من 18 وزيرا بدرزي واحد، أو 20 وزيرا بدرزيين أحدهما للنائب طلال أرسلان بما يضاعف من غضب وليد جنبلاط، وحول الثلث المعطل الذي يتمسك عون به، إضافة الى الوزارات الأمنية التي تسمح للتيار الوطني الحر بالقبض على الحكومة وعلى النظامين الأمني والقضائي، بما يحقق أحلام “فريق العهد” بتحويل الحكم في لبنان الى حكم رئاسي.

في المقابل، تشير المعطيات الى أن الحريري يتمسك بالتشكيلة الحكومية التي قدمها الى رئيس الجمهورية، مع إمكانية قبوله بإجراء تعديلات طفيفة عليها، شرط أن لا تطال عدد الوزراء (18) وحقيبة الداخلية التي يريدها الحريري من حصة السنة، من دون أن يمانع في أن يسمي الوزير بالتوافق مع رئيس الجمهورية.

يبدو واضحا أن الحريري يستخدم شروطه لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو بذلك يحمل رئيس الجمهورية تياره السياسي مسؤولية التعطيل، ويرضي شارعه والرعاة الاقليميين بعدم التنازل، ويشتري الوقت لحين حصول التغيير في الرئاسة الأميركية خوفا من العقوبات التي قد تفرض عليه في حال وجدت إدارة ترامب أن حكومته تضم وزيرا محسوبا على حزب الله، ويرمي كرة النار في حضن حكومة تصريف الأعمال لاتخاذ القرارات القاسية فبدل أن تتخذها حكومته تأتي لمعالجة تداعياتها، وذلك خوفا من تكرار تجربة الاستقالة تحت ضغط ثورة 17 تشرين.

كل ذلك، يجعل المواقف المتصلبة على حالها، وكذلك الشروط والشروط المضادة، وتبادل الاتهامات التي ترجمت أمس عبر بيان تكتل لبنان القوي الذي دعا الرئيس المكلف الى “تحمل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية والى التوقف عن إستهلاك الوقت”، ما إستدعى ردا من المكتب الاعلامي للحريري أكد أن “الرئيس المكلف قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه وقدم لرئيس الجمهورية تشيكلة حكومية من إختصاصيين مشهود لهم بالكفاءة وهو ينتظر إنتهاء الرئيس من دراستها”.

ترجح مصادر سياسية مطلعة أن يرتفع في الأيام المقبلة منسوب التوتر السياسي بين طرفيّ تشكيل الحكومة، وأن يضاعف من الأزمات التي ترخي بثقلها على اللبنانيين، خصوصا أن لا مبادرة جديدة تلوح في الأفق، في وقت إستنزفت فيه المبادرة الفرنسية زخمها ومصداقيتها وهي اليوم بحكم المنتهية، بينما فشلت مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي يأخذ عليه البعض تعميم تحميل المسؤوليات، وعدم تسمية الأشياء التي يعرفها تماما بأسمائها، والضغط على المعرقلين الحقيقيين لتسهيل ولادة الحكومة.

وتقول هذه المصادر: مخطئ من يعتقد أن تاريخ تسلم جو بايدن الرئاسة الأميركية سينعكس سلبا أو إيجابا على لبنان الذي لم يعد في أجندة الأولويات الأميركية.

وتختم المصادر: إن الأفق السياسي مسدود بالكامل، والحكومة أصبحت في علم الغيب، ويبدو أن الرئيس نبيه بري كان على حق، عندما قال: “إننا لم نعد نملك سوى الدعاء!”.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal