يتردد اسم وزير المالية المستقيل بيرات ألبيرق، من جديد داخل الأوساط التركية، بعد مرور 51 يوما على استقالته، في تطور طرح معه حينها عدة إشارات استفهام، منها ما تعلق بطريقة تقديم الاستقالة والتي جاءت عبر حسابه الشخصي في “إنستغرام”، ومنها ما ارتبط بطريقة التعاطي التي أبداها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في ذلك الوقت.
ومنذ تقديم استقالته، في السابع من نوفمبر الماضي، وحتى اليوم ليس هناك أي أثر لصهر إردوغان وأبرز المقربين له، والذي كان قد اتجه إلى إيقاف كافة حساباته عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعد اتخاذه الإجراء المفاجئ، كما اختفى بشكل كلي عن المشهد السياسي والاقتصادي، ولم تصدر له أي تصريحات أو تعليقات له، منذ أكثر من 51 يوما، ليكون بذلك قد ابتعد كل البعد عن دائرة الضوء الإعلامية والشعبية أيضا.
“إعفاء” وليس استقالة
استقالة ألبيرق كانت قد شكّلت حدثا مفاجئا للأتراك، وجاءت في الوقت الذي شهدت فيه الليرة التركية تدهورا في قيمتها في سوق العملات الأجنبية، وإلى جانب ذلك كان اللافت والأبرز فيها هو طريقة تعاطي الإعلام الرسمي، والمحسوب على الحكومة التركية معها، حيث تجنبت نشر أي خبر يتعلق بالأسباب أو حتى إعلان الخبر بصيغة مقتضبة فقط.
عدم تعاطي الإعلام التركي الرسمي مع خبر الاستقالة، في ذلك الوقت كان يسير معه وبالتزامن عدم صدور أي موقف رسمي من الحكومة التركية، إلى أن أصدرت الرئاسة التركية” بيانا بعد 27 ساعة من الاستقالة، أعلنت فيه قبول “إعفاء” ألبيرق.
وعند الحديث عن بيرات ألبيرق، البالغ من العمر 42 عاما، في تركيا فهو شخصية استثنائية، كونه صهر إردوغان من جهة، وأبرز المسؤولين الاقتصاديين في البلاد من جهة أخرى، وبقيت مفاتيح الاقتصاد كاملة بيده، إلى أن أعفي ليستلم منصبه الوزير الحالي، لطفي علوان.
وشغل ألبيرق منصب وزير الطاقة في تركيا لمدة ثلاث سنوات قبل تولي حقيبتي الخزانة والمالية في عام 2018، وهو متزوج من إسراء، ابنة إردوغان الكبرى منذ عام 2004.
عقب تولي ألبيرق منصب “القيصر الاقتصادي” للبلاد في يوليو 2018 بدأت السلطات التركية إنفاق الاحتياطيات الوطنية من العملة الصعبة بكثافة عند تذبذب سعر صرف الليرة، واستمر هذا الحال حتى وصلت الليرة التركية إلى مستويات قياسية في الانخفاض في سوق العملات الأجنبية.
أين بيرات ألبيرق؟
الحديث عن ألبيرق بدأ يتردد مجددا قبل أيام عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن ينخرط فيه سياسيون، أبرزهم النائب السابق عن حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، سلجوق أوزداغ، الذي أدلى ببيان تساءل فيه عن أسباب “اختفاء صهر إردوغان”.
وقال أوزاغ، الذي يشغل حاليا منصب عضو مجلس مؤسسي “حزب المستقبل”، “لقد مرت 51 يوما. نعم، قبل واحد وخمسين يوما بالضبط، كان ثاني أقوى رجل في هذا البلد، ولم يكن وزيرا فقط، بل كان صهر إردوغان، ثم ذات ليلة اختفى فجأة”.
وإلى جانب أوزداغ طرح نائب رئيس مجموعة حزب “الشعب الجمهوري”، إنجين ألتاي، القضية على جدول أعمال الحزب، وقال: “هناك عريس يختفي بعد الكنز الضائع. 128 مليار دولار مفقودة، والعريس مفقود أيضا. أين العريس؟ وهو أيضا شرط للشفافية في السياسة”.
وأضاف ألتاي: “إذا كانت هناك مشكلة صحية أتمنى من الله الشفاء العاجل. ولكن إذا استقال العريس الذي سلمت إليه أموال الدولة وأموالها فهذه خسارة”.
خارج صندوق الثروة
في سياق ما سبق وبالعودة قليلا إلى الشهرين الماضيين فلم تقتصر قضية ألبيرق على الاستقالة من منصب وزير المالية، بل اتجه الرئيس، رجب طيب إردوغان إلى إعفائه من منصب نائب رئيس صندوق الثروة السيادي التركي، في إجراء مفاجئ أيضا ولم تتضح التفاصيل المتعلقة به كثيرا.
ولم يفصح مكتب إردوغان عن الكثير من التفاصيل بشأن رحيل ألبيرق، مشيرا في بيان من جملة واحدة في ذلك الوقت إلى أنه “ترك مجلس إدارة صندوق الثروة السيادية لتركيا بعدما طلب إجازة”.
ومنذ الاستقالة وحتى اليوم تشير جميع التحليلات وآراء المراقبين على أن السياسة الاقتصادية التي يسير فيها وزير المالية الجديد (لطفي علوان) تبتعد كل البعد عن السياسة الاقتصادية الخاصة بألبيرق، والذي كان قد عاصر انهيار أكثر من 40 بالمئة من قيمة الليرة التركية في سوق العملات الأجنبية.