بات بحكم المؤكد أن العام 2020 سيمضي من دون تشكيل حكومة، خصوصا أن زمن ″الهدايا″ قد ولى سواء في عيد الميلاد أو في عيد رأس السنة، في بلد يخضع لأمزجة قيادات سياسية طائفية تضع مصالحها ومكاسبها وإلتزاماتها الاقليمية والدولية فوق مصالح شعبها الذي يتجه بخطى ثابتة نحو إنهيار كامل قد يوصل الى المجاعة والى فوضى مجتمعية غير مسبوقة.
تشير مصادر سياسية مطلعة الى أن لمطلع العام الجديد همومه الكثيرة التي قد تتقدم على تشكيل الحكومة، فالطبقة السياسية اللبنانية تتطلع بتهيّب شديد الى الفترة الممتدة من 6 كانون الثاني وحتى 20 منه موعد تسلم جو بايدن سدة الرئاسة الأميركية، بعد ورود معلومات بأن إدارة دونالد ترامب سوف تقوم في آخر أيامها بفرض عقوبات على عدد من الشخصيات.
يعني ذلك بحسب هذه المصادر، أن أركان تلك الطبقة ستعيش كل يوم بيومه حتى يحين موعد دخول بايدن الى البيت الأبيض، في وقت يتطلع فيه الغرب ومعه أميركا الى مطلع العام 2021 بحذر شديد حيث يصادف يوم 3 كانون الثاني الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، الأمر الذي قد يدفع بعض المستفيدين الى إستغلال هذه الذكرى لتوتير أجواء المنطقة في الأيام الأخيرة من ولاية ترامب.
هذه الأجواء الاقليمية الملبدة، معطوفة على الخلافات السياسية الداخلية تجعل تشكيل الحكومة في علم الغيب، ما يؤكد أن مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي هي بمثابة الحصول على “شرف المحاولة” فقط خصوصا أن الراعي الذي أكد في عظة الأحد أنه “لم يجد أي سبب يستحق التوقف عنده لتأخير تشكيل الحكومة يوما واحدا”، شعر أنه أمام “أرجوحة برتقالية” من زهد رئيس الجمهورية بالثلث المعطل، الى تمسك جبران باسيل به تحت شعار “وحدة المعايير” الى تفسيرات إبراهيم كنعان لموقف رئيسيّ الجمهورية والتيار الوطني الحر والتي زادت الأمور غموضا.
يمكن القول إن مبادرة البطريرك الراعي جاءت لملء الفراغ الذي أحدثه تأجيل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى لبنان بعد إصابته بفيروس كورونا، فكانت بدلا عن المبادرة الفرنسية المجمدة والتي يبدو أنها لن تتحرك قبل 20 كانون الأول الثاني المقبل، حيث يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من تعاطي الادارة الأميركية السابقة واللاحقة مع لبنان.
والى أن يستعيد ماكرون عافيته ويضخ الروح في مبادرته مجددا، سيبقى الفراغ المغلف بالمبادرات سيد الموقف، خصوصا أن الحريري يخشى العقوبات الأميركية في حال وجدت إدارة ترامب بأن حكومته تضم وزيرا مقربا من حزب الله، كما يخشى أيضا الملفات الساخنة التي قد تحرق حكومته في بداية عملها، لذلك يفضل أن تحترق حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب بقرارات رفع الدعم.
والرئيس عون والنائب باسيل ينتظران الفرصة المؤاتية للاطاحة بالحريري أو إحراجه لاخراجه لأنهما يرفضان ضمنا ترؤسه الحكومة، وقد عبر عون عن ذلك صراحة عشية الاستشارات النيابية التي أفضت الى تكليفه.
في ظل الأفق المسدود سياسيا والمأزوم إجتماعيا، يبقى الشارع هو المنفذ الوحيد لتنفيس الاحتقان، حيث تشير المعلومات الى أن تحركات شعبية غاضبة ستنطلق في الأيام الأولى من العام الجديد، سيكون لها أكثر من هدف سياسي.
مواضيع ذات صلة:
-
غضب في طرابلس.. قاديشا ليست مزرعة ″برتقالية″!!… غسان ريفي
-
هل تم ″تكبير حجر″ التدقيق الجنائي المالي كي لا يصيب أحدا؟!… غسان ريفي
-
هل يطلق الرئيس عون النار على عهده؟… غسان ريفي