في خضم عمليات الغطس التي تقوم بها بعض الدول العربية في بحر التطبيع مع اسرائيل ″الدولة العدوة″ وفق ميثاق الجامعة العربية (التي يُتوَقّع أن تُطوى صفحتها قريباً لصالح جامعة اقليمية)، يعيش اللبنانيون حالات من التجاذب حول ما ستكون عليه نتائج التحقيق في الإنفجار الكارثي لمرفأ بيروت، بالرغم من مرور أربعة أشهر ونصف بدون أن تتكشف السُبُل التي سيؤول إليها التحقيق الذي تحوّل إلى مشروع أزمة حقيقية على صعيد الوطن، بدل أن يكون الطريق الأسلم لكشف خلفيات أكبر انفجارات العصر.
ولكّن اللافت أن بعض السياسيين في لبنان قد ذهبوا بعيداً في توقّع الأسوأ لما يواجهه لبنان من أزمات وكوارث، ومنهم الوزير السابق رشيد درباس الذي قال في حديث صحفي لـ “موقع المرده الالكتروني” مطلع هذا الأسبوع: “حذرت وأحذر من تفجير البلد برمّته أثناء التفتيش عن أسباب إنفجار المرفأ”. من دون أن يشير إلى ما إذا كان ذلك التحذير كان بناء على معلومات أم توقعات!
فاذا كان ذلك التحذير بناء على معلومات تشير إلى الجهة التي لها مصلحة في “تفجير البلد” فعليه: وهو المحامي العريق، والنقيب المفوّه، والوزير الحذق أن يُبلغ تفاصيله إلى القضاء اللبناني (وربما فعل ذلك) وليس بتخويف المواطنين من خلال نشره عبر وسائل الإعلام.
أما إذا كانت تلك التحذيرات وفقاً لتوقعات فمن الأنسب عدم زجها بهذا الشكل في وسائل الاعلام حتى لا يُدرجها المتضررون من كشف خلفيات التفجير في خانة التحريض على الفعل.
وإذا كان”التفتيش عن الحقيقة” سيفجّر البلد. فماذا عن الذين يحيكون المؤمرات ويفتحون الخطوط المباشرة وغير المباشرة مع هذا الخارج او ذاك، لإقتناعهم بأن ذلك سيؤمن سطوتهم ومصالحهم، في حين أن الكارثة لن ترحم أحداً!
وإذا كان الشيء بالشيء يُذكر، فإن لبنان قد مرّ بظروف مماثلة كالتي حصلت غداة استشهاد رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، حين استغلت جهات عدة المشهد المأساوي لتعمل على تحقيق مآربها وغاياتها عبر تشويه الحقائق وبدون اعتماد أي معيار للحفاظ على مقومات الوطن. ولذلك يجب الإتعاظ من الماضي وأحداثه مهما كانت مؤلمة للسعي إلى إبعاد البلد عن حافة الإنهيار، وليس لتحويل المناسبة البائسة إلى حال من تشفّي الأفرقاء ببعضهم البعض ليصلوا جميعهم بالنهاية وفي بوتقة واحدة إلى القعر الذي لن يرحم أياً منهم ساعة لا ينفع الندم!..
مواضيع ذات صلة:
-
تجهيل الفاعل.. سيأخذ البلاد إلى الأسوأ… مرسال الترس
-
مَن يتّهم مسيحيي لبنان بالعمالة لاسرائيل؟… مرسال الترس
-
عندما تختلط ″الكورونا″ اللعينة بالاعتبارات الموبوءة!… مرسال الترس