حضّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل القضاء على مواصلة التحقيق في جريمة تفجير المرفأ حتى إنجازه نهائيا، منتقدا سعي أفرقاء الى خلق مناخ سياسي وطائفي بغية إجهاض التحقيق ومنع محاسبة المرتكبين.
وأبدى باسيل في حديث الى “لوريان لو جور” إعتقاده بأن ثمة نوعا من التعسّف والاستنسابية في الادعاءات القضائية الأخيرة الصادرة عن القاضي فادي صوان، لافتا الى أنه أبدى في رسالته الى مجلس النواب نيته بملاحقة رؤساء حكومات ووزراء الاشغال والمال والعدل المتعاقبين، وهذا أمر لا يستقيم ولا يصح، إذ من غير المنطقي أن يتساوى كل المدعى عليهم في المسؤولية. الى جانب أن القاضي صوان يتحدث في هذا السياق عن عدم الكفاءة والإهمال الإداري في ممارسة المسؤولية، غافلا عن الجرم المتمثل في المسؤولية عن حدوث التفجير. ولا أفهم في هذا الاطار كيف يُحمَّل رئيس الحكومة ووزراء ومجموعة أشخاص المسؤولية عما حصل وهم لا مسؤولية مباشرة وتنفيذية لهم.
وشدّد على أنه ضدّ المس بالمطلق بمقام رئاسة الحكومة، غير أن الدفاع عن المقام لا يكون بالتجييش المذهبي، ذلك أن تجييشا مماثلا أخشاه مقدمة لمنع السلطة القضائية من فتح ملفات الفساد.
وقال ان الدفاع الحقيقي عن رئيس الحكومة ووزير المال يكون في تحديد المسؤوليات، علما أني على يقين بأن لا مسؤولية على الرئيس حسان دياب، والأمر نفسه ينطبق على الوزراء المدعى عليهم وعلى الجمارك، مع الإشارة الى أن التدقيق في بعض النواحي يُبيّن ان ثمة موظفين في الجمارك إستُثنت أسماؤهم قضائيا بشكل يثير الاستغراب. كما ان ثمة أسئلة عن الملاحقات التي طالت الجهاز الامني الوحيد الذي حذر بالوثائق والتقارير من الكارثة المحتملة قبل حصولها.
وتحدث باسيل عن بطء يعتري التحقيق القضائي، وهو امر سبق ان انتقدناه تكرارا، لافتا الى أن حجم الكارثة يحتم السرعة في التحقيق لا التسرع، وكذلك الوضوح واعلام الرأي العام بالتطورات من دون المس بسرية التحقيق. وشدد على أهمية تحديد المسؤوليات، بدءا من مسؤولية إدارة المرفأ والأجهزة المولجة أمن المرفأ وكذلك القضاة المعنيين. ولفت الى أمر ايجابي في كل ما خبرناه هو أن القاضي صوان لا يضع حدودا لتحقيقاته.
وعن موقفه من إمكان أن يستمع المحقق العدلي الى شهادة رئيس الجمهورية، قال باسيل: ثمة إجراءات وأصول قانونية لذلك، لكني بحسب معرفتي بالرئيس فإنه لو كان لديه ما يضيفه على بيانه الصادر لبادر الى الاتصال بالمحقق العدلي والطلب منه أن يستمع الى شهادته.
ونفى أي علاقة تجمعه بالقاضي صوان لا من قريب ولا من بعيد، او أنه قد شارك في تسميته محققا عدليا. كما نفى أي تدخل في عمله. وقال: على العكس، أبديت ملاحظات على طريقة معالجته الملف، لا سيما على مستوى البطء وعدم الوضوح، وكذلك بسببغياب أي معلومةتتعلق بالتفجير بحد ذاته.
كما نفى باسيل أي علاقة له بالتقارير التلفزيونية عن ملفات الفساد. وسخر من الكلام عن إستحداثه غرفة سوداء في اللقلوق وعن إجتماعات سرية. كما سخر من الكلام عن أنه إستعان بشركة علاقات عامة أجنبية، لافتا الى أن حجم الضخ الاعلامي والسياسي والشائعات في هذا السياق تخرج عن النطاق المحلي، ومبديا إعتقاده بأن ثمة أجهزة استخبارات خارجية هي التي ترعى كل حفلة الكذب هذه. إذ إن الحملات الممنهجة التي نشهدها تتخطى قدرة أي فريق داخلي. وأكد ان الغرض من كل هذا الضخ خلق الفتنة بين اللبنانيين وتقويض استقرار البلد، لافتا الى ان لبنان كله يتحرك اليوم على وقع حفلة الكذب، ومحذرا من أن المسبب الاول لأي حرب هو دفع الناس الى مواجهة بعضهم البعض.
وشدد على أهمية إنجاز التدقيق الجنائي ومكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين، لافتا الى أن الأولوية راهنا هي لخلاص لبنان ولتشكيل حكومة ولمعالجة مشاكل اللبنانيين.
لم نطلب الثلث المعطل.
ونفى الكلام عن طلبه الحصول على الثلث المعطل (7 وزراء)، مشيرا الى أن التيارالوطني الحر لم يقرر الى اليوم المشاركة في الحكومة من عدمها، او حتى تأييدها. وقال: لم نطلب لا الثلث المعطل ولا أي وزارة. جل ما نريده تشكيل حكومة على قواعد واضحة. أضاف: من لا يريد تشكيل حكومة هو من لا يقبل بهذه القواعد ويصر على تخطي الاصول الدستورية والاخلال بالتوازنات السياسية وعلى تسمية كل الوزراء، وعلى التراجع خطوات الى الوراء كلما تقدمنا خطوة الى الأمام.
ولفت الى ان الحكومة هي عبارة عن بناء، حيث لا يجوز وضع السقف قبل الاساسات. كما لا يمكن رمي الاسماء قبل تحديد شكل الحكومة وتوزيع الحقائب. وحين نقول اننا لا نريد المشاركة نُتهم بالعرقلة، فيما هم يطلبون محي الدستور وسحق اللبنانيين والكتل النيابية بذريعة تسهيل التأليف. وقال: يطالبون بحكومة إختصاصيين، فليكن. لكن وفقا لأي معايير تخصصية، يُسمى وزير واحد لحقيبتي الخارجية والزراعة ووزير واحد للشؤون الاجتماعية وللبيئة؟وكيف لرئيس الحكومة أن يسمي كل الوزراء؟ وأكد أن اتفاق الطائف واضح في موضوع الشراكة في تشكيل الحكومة بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وبالمثلووفقًا لهذا الاتفاق، يجري الرئيس المكلف مشاورات نيابية. وهي وإن كانت غير ملزمة إلا أن الهدف منها حصول حكومته على دعم الكتل النيابية.
وأكد أن من مصلحة لبنان ورئيس الجمهورية ومن مصلحتنا أن تتشكل الحكومة بأسرع وقت، سائلا: كيف يمكن للحظة الإعتقاد بأننا لا نريد حكومة؟ وقال: في كل الاحوال لسنا نحن من نخشى العقوبات، بما انه سبق أن فرضت علينا.
وأكد ان المبادرة الفرنسية لم تنته بدليل زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون. لكني حزين لأن أراه أكثر قلقا على لبنان من اللبنانيين أنفسهم.
العقوبات والظلم.
وأكد ان مواقفه السياسية لا علاقة لهابالعقوبات التي طالته، ومستقلة تماما عنها. أضاف: ان ما يهمني في ما حصل هو الظلم الذي لحق بينتيجة تهمة الفساد. وستبيّن الأيامأنها تهمة باطلة، وسأفعل كل ما يلزم لبيان ذلك.
وعن علاقته برئيس الجمهورية، قال باسيل: لا أخفي قربي منه وأبوّته السياسية نحوي. لكنالابن هو الذي يستمع الى والده وليس العكس.
وأكد ان التفاهم مع حزب الله حمى لبنان، لافتا الى ان تعويل اللبنانيين على هذا التفاهم لبناء الدولة كان عظيما، لإعتقادهم بأن تفاهما بين حزبين كبيرين مسيحي ومسلم سيؤدي الى بناء الدولة. لكننا لم نوفق في ذلك، واللبنانيون يسائلوننا عن هذا الامر، وهذا حقهم، علما ان بناء الدولة أولوية تساوي بالنسبة الينا اولوية المقاومة بالنسبة الى حزب الله.
ولفت الى اننا نعمل على إعادة النظر في عدد من جوانب التفاهم، لكني أفضل عدم التطرق اليها راهنا، لأن النتائج ستتكلم عن نفسها حال نجاحنا. والاكيد اننا لا نستطيع الإكمال بالوضع الحالي، أي أن نعطي جمهور التيار والحزب، واللبنانيين عموما، أقل مما ينتظرون ويتوقعون.
ونفى أن يكون موقفه من التفاهم مع الحزب غامضا او لمداهنة الأميركيين، وسأل: لو كان الأمر كذلك، لما كانوا فرضوا العقوبات عليّ. وهم أيقنوا أني لا استسلم للضغوط. وأفضّل أن أنتهي ألف مرة، على الاستسلام للضغط.
وعن أن البعض يقول انه إنتهى سياسيا، أجاب: أنتهي حين أُدفن.
وعن اتفاق معراب، قال: كان هدفنا من الاتفاق وضع أساس موحد لوضع المسيحيين في الحكم والدولة، بدءا من رئاسة الجمهورية. المعني الاول كان العماد عون. سمير جعجع وافق على التصويت للعماد عون، لكنه لم يرغب في إرساء أسس مشاركة المسيحيين في الحكم. فضّل أن يحصل مقابل تصويته للعماد عون، على نصيب في السلطة. هذا حقه. لكن هذا ليس ما نفضله. ثم تراجع بعد ذلك، عندما وضع جانبا روحيةالتفاهم. أردنا أن نكون واحدا في الحكم وأن نتعاون معا، بينما هو أراد أن يكون معارضا وفي الوقت نفسه ان يحصل على حصته. هذا ما تسبب في فشل الاتفاق.
وعن مأخذ أفرقاء مسلمين على الخطاب المسيحي الذي يعتمده، قال: نحن في نظام طائفي، أردنا أم لم نرد. نسعى الى الدولة العلمانية، لكن طالما ان النظام طائفي، وطالما ان الطوائف تحصل على حقوقها، لماذا لا يحق لنا نحن المسيحيين المطالبة بحقوقنا؟ كان بالامكان الاتفاق على ذلك مع القوات اللبنانية، لكن المشكلة مع جعجع هي أنه يميل إلى القضاء على الأحزاب المسيحية الأخرى.
وعن اتهامه بشن حرب على الرئيس نبيه بري وحشر حزب الله، قال: لا اخوض أي حرب ضد الرئيس بري. بل على العكس، أطمح إلى علاقة مستقرة معه، بفعل موقعه وما يمثله على المستوى الشعبي. لكنهناك أشخاصا وظيفتهم الوحيدة هي إثارة الصراع وتحريضنا على بعضنا البعض. يا للأسف، غالبا ما ينجحون في مهمتهم. في أي حال، لا يمكن لأي شخص عاقل أن يرغب في إثارة نزاع مع الرئيس بري.
وعن علاقته مع الرئيس الحريري، قال: إنها علاقة حب وانتقام. الحب من جانبي والانتقام من جانبه.
وعن الحملة الممنهجة التي تطاله، قال: من الطبيعي أن يهاجمني كل من يشعر أنني مصدر تهديد سياسي له. ولا أعتقد أن أي شخص يمكن أن يجادل بأنني هدف لحملة ترمي الى تدميري سياسيا. وفي أي حال تُوجت هذه الحملة بالعقوبات ضدي.
وأكد ان التيار الوطني الحر يتعرض لحملة تشهير مروعة، لكني واثق بأنه سيبقى موحدا وقويا كما كان في الماضي. أعرف مدى معاناة التياريين، لكني على يقين بأنهم سيتجاوزونها وسيتغلبون على المحن.
واكد أن عدد المنتسبين الجدد بعد 17 تشرين فاق 10 مرات عدد الذين خرجوا من التيار، كل ذلك بفعل التضامن الحاصل.
وعن إمكان تركه قيادة التيار، قال رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل: أترك في حال خسرت الغالبية في الانتخابات المقبلة.