″الحرامية″ يسرحون ويمرحون.. والدرك سجناء المخافر!!… غسان ريفي

بات واضحا أن مخافر قوى الأمن الداخلي في مختلف المناطق اللبنانية، تحولت الى مجرد عدّاد للسرقات مهمتها القيام بإحصاء يومي لعدد المنازل والمتاجر والسيارات التي زارها اللصوص ليلا أو في وضح النهار من دون حسيب أمني أو رقيب قضائي أو توقيف لأي من الجناة.

تكتفي عناصر قوى الأمن الداخلي باقامة بعض الحواجز الثابتة أو الظرفية لمتابعة قرارات التعبئة العامة، أو بقمع تظاهرة هنا أو تحرك هناك، لكنها تغيب بشكل شبه كامل عن كثير من المناطق، فلا دوريات ليلية، ولا ملاحقات، ولا أمن إستباقي، ولا سرعة في تلبية نداء الاستغاثة، ما يجعل مال الناس سائبا ليُعلم اللصوص الحرام، فيسرحون ويمرحون ليلا ويدخلون البيوت كسرا وخلعا، ويهددون سلامة المواطنين ويجبرونهم على إعطائهم ما خف حمله وغلا ثمنه، ويمارسون السطو المسلح، ويسرقون السيارات، وصولا الى حدود القتل من أجل دراجة نارية أو مبلغ زهيد من المال، فيما عناصر الدرك “سجناء” في المخافر المقفل أبوابها عليهم ليلا، بإنتظار أن يأتي الشاكون وما أكثرهم مع كل صباح لتقديم البلاغات ضد مجهول سرق جنى العمر، فينتظرون بالساعات للحصول على دور ومن ثم الاطلاع على نتيجة “النشرة” التي قد تحولهم الى متهمين أو موقوفين في حال كان في الأمر محضر ضبط نائم، جرى تسطيره قبل فترة بغفلة عن صاحبه.

لم تعد الاعتداءات وأعمال السرقات والسطو اليومية أمرا عاديا، بل بدأ يهدد أمن المجتمع اللبناني برمته، كونه مرشح للازدياد مع الأزمات المعيشية والمالية التي ترخي بثقلها على المواطنين، ما يحمّل الأجهزة الأمنية وخصوصا قوى الأمن الداخلي مزيدا من المسؤوليات في توفير الحماية للمواطنين وممتلكاتهم التي تنتهك على أيدي اللصوص.

اللافت أنه كلما إزدادت السرقات، كلما سجل غياب للقوى الأمنية، في حين أن الوضع السياسي الناتج عن الخلافات والتجاذبات التي تمنع ولادة الحكومة، والفقر المنتشر أفقيا، والفلتان الأمني، يتطلب حالة طوارئ أمنية تتمثل بتسيير الدوريات على مدار الساعات الـ24، أو على الأقل من بعد منتصف الليل الى ساعات الصباح الأولى، فهناك المئات من الفصائل والمخافر والمفارز والمكاتب على إمتداد الأراضي اللبنانية، وكل منها مسؤول عن منطقة محددة، ويمكن له أن يسير دوريات ولو بسيارة واحدة بثلاثة عناصر، ما يعطي بعض الأمن ويخيف اللصوص من إمكانية أن ترصدهم القوى الأمنية ولو عن طريق الصدفة ما يدفعهم الى الحد من نشاطهم.

ما يزيد الطين بلة، هو أن الطبيعة لا تقبل الفراغ، وبالتالي فإن الفراغ الذي تتسبب فيه قوى الأمن الداخلي في التصدي للاعتداءات التي يمارسها “الحرامية” على المواطنين بدأ يدفعهم الى التسلح، وتشكيل مجموعات أو لجان شبابية للحراسة الليلية، وصولا الى إعتماد الأمن الذاتي، وهو أمر قد يعرف البعض كيف يبدأ لكن أحدا لا يعلم كيف ينتهي وما يمكن أن يحمل من تداعيات كارثية سبق وشهدتها العديد من المناطق، خصوصا مع تفلت السلاح وإمكانية الاشتباك بين هذه المجموعات واللصوص وما يمكن أن يسفر عنها، أو إمكانية الاشتباك بين المجموعات نفسها بين شارع وآخر أو بين منطقة وأخرى بهدف فرض النفوذ، ما قد يهدد بفلتان أمني كبير يضاف الى تنامي نشاط اللصوص وصولا الى “شريعة غاب”، تترجم تحلل الدولة.


مواضيع ذات صلة:

  1. هل تم ″تكبير حجر″ التدقيق الجنائي المالي كي لا يصيب أحدا؟!… غسان ريفي

  2. هل يطلق الرئيس عون النار على عهده؟… غسان ريفي

  3. هل أنهى تكليف الحريري الثورة؟… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal