هل يكون الحفاظ على التوازنات السياسية.. برئيس حكومة إختصاصي؟… غسان ريفي

تتجه الأنظار نحو يوم الخميس لمعرفة مصير الاستشارات النيابية الملزمة التي من المفترض أن تجري لتكليف رئيس للحكومة، في وقت فقدت فيه رئاسة الجمهورية ″حجتها″ الأساسية للتأجيل والمتعلقة بالميثاقية المسيحية، بعد رسالتين مسيحيتين الى الرئيس ميشال عون  مارونية وأورثوذكسية بضرورة الافراج عن الاستشارات وتأليف الحكومة بأسرع وقت، علما ان الميثاقية ستكون مؤمنة من خلال مشاركة كل التيارات والأحزاب والنواب المسيحيين في هذه الاستشارات التي ستكون جامعة، وهم بعد ذلك سيكون لديهم الحرية الكاملة في تسمية من يشاؤون من المرشحين.

مع إنتهاء “حجة” الرئاسة حول الميثاقية المسيحية، تسعى بعض التيارات السياسية الى وضع العصي في الدواليب من خلال طرح مسألة الرئيس الاختصاصي للحكومة، وهو أمر لا يمت بصلة الى الواقع السياسي في بلد يقوم على التوازنات السياسية والطائفية الدقيقة، والتي قد يؤدي أي إخلال بها الى عدم إستقرار سياسي وربما أمني.

ربما فات البعض أن رئاسة الحكومة هي موقع دستوري شأنه في ذلك شأن رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، وأن التوازن بين الرئاسات الثلاث مطلوب لحماية الاستقرار، وبما أن الظروف السياسية أملت أن يكون حتى الآن رئيس الجمهورية يمتلك شرعية شعبية في طائفته، وكذلك رئيس مجلس النواب، فإن ذلك من المفترض أن ينسحب على رئيس الحكومة.

هذا الواقع يدحض فكرة رئيس الحكومة الاختصاصي من أساسها، فرئيس الحكومة هو سياسي بامتياز لا يساوم ولا يقدم تنازلات، ويشكل حكومة سياسية أو تكنوقراط أو تكنوسياسية أو إختصاصيين أو إقتصاديين وذلك وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية العليا وظروف البلاد، أو يكون رئيسا تكنوقراط مدعوما من طائفته ومن القيادات التي تمتلك الرصيد الشعبي السني بغية تأمين التوازن المفروض بين الرئاسات (كما حصل في تسمية الدكتور مصطفى أديب).

لا شك في أن أي رئيس حكومة لا يكون محصنا شعبيا، لا يمكنه التعايش مع الواقع السياسي القائم على الدعم الطائفي والشعبي لأركان السلطة، وهو قد يشعر نفسه أو ربما يتعامل معه البعض على أنه غير مطابق للمواصفات، وصولا الى التجرؤ عليه، وإستغلال ضعفه للتحكم به وبالقرارات التي يمكن أن يتخذها.

وقد شكل الرئيس حسان دياب نموذجا لذلك، حيث تمت تسميته بمعزل عن طائفته وحضر الى السوق السياسي مقطوعا من شجرة، وتم التحكم به عن قرب وعن بعد في التأليف ومن ثم في إدارة الحكومة وفي أكثرية القرارات التي إتخذت، وما إجتهد به من قرارات تم إجباره على الرجوع عنها (معمل سلعاتا نموذجا)، الأمر الذي ترك إنطباعا سلبيا جدا لدى الطائفة السنية التي ترفض التنازلات ولا تقبل بوصول من لا ترضى عنه، وذلك إنطلاقا من سعيها للحفاظ على دستور الطائف، ولتحصين موقعها الدستوري الأول ليكون موازيا للمواقع الأخرى.

يقول متابعون: إن الحديث عن رئيس الحكومة الاختصاصي فيه مزيد من الاخلال بالتوازنات، فلا يمكن لرئيس حكومة أكاديمي أو تكنوقراط لا دعم شعبيا أو طائفيا وراءه أن يتماشى مع رئيس جمهورية ورئيس مجلس نواب هما الأقوى في شارعهما، ما يعني أن الصورة التي ستجمعهم ستكون مهزوزة وغير منطقية.

ويؤكد هؤلاء إما أن يكون الرؤساء الثلاثة من الاختصاصيين والأكاديميين، أو أن يكونوا من السياسيين ليتحقق التوازن المطلوب، أما أن يقتصر الاختصاص على رئيس الحكومة وحده، ففي ذلك محاولة جديدة لاضعاف الطائفة السنية التي تختزن قيادات سياسية وازنة لديها ما يكفي من الشرعية الطائفية والشعبية لتكون على رأس السلطة التنفيذية.


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal