تحت عنوان: “سجال بين رئاستي الجمهورية والحكومة بعد رفض عون إعفاء مدير الجمارك”، كتبت صحيفة “الشرق الأوسط”: دخلت رئاستا الجمهورية والحكومة اللبنانيتان في سجال جديد، بعدما رفض الرئيس ميشال عون توقيع مرسوم إعفاء مدير عام الجمارك بدري ضاهر الموقوف لدى السلطات اللبنانية في قضية مرفأ بيروت، والمحسوب على “التيار الوطني الحر” المؤيد لعون، مطالباً بتطبيق مبدأ “لمساواة” على جميع الموقوفين عدلياً.
وكان مجلس الوزراء قد أصدر، في جلسته في 10 آب الماضي، قراراً بوضع جميع الموظفين من الفئة الأولى الذين تقرر أو سيتقرر توقيفهم في ملف المرفأ بتصرف رئيس مجلس الوزراء، مع إعفائهم من مهام وظائفهم. ويعد الإعفاء من وظيفتهم قراراً إدارياً، بحيث لا يستطيع الموظف العودة لممارسة عمله إلا بموافقة مجلس الوزراء. ووقع وزير المالية حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، وهو وزير الوصاية على مدير عام الجمارك، مرسوماً يقضي بإعفاء ضاهر من مهامه، وأرسله إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، حيث وقعه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، وأرسله إلى رئاسة الجمهورية ليوقعه الرئيس عون، لكن عون رفض توقيعه، وأعاد المرسوم إلى رئاسة مجلس الوزراء، مرفقاً بكتاب يطالب فيه عون بتطبيق مبدأ المساواة بين الموظفين، وإرسال مراسيم إعفاء جميع الموظفين لتوقيعها.
وقال مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، في بيان أمس: “توضيحاً لموقف عون، ومنعاً لأي تفسيرات لا تنطبق مع الواقع”، فإن رئيس الجمهورية لم يرفض توقيع مرسوم إعفاء السيد ضاهر “لكنه طلب، عملاً بمبدأ المساواة، إصدار جميع المراسيم المتعلقة بالموظفين المعنيين بقرار مجلس الوزراء”.
وأكد أن “الموظفين الموقوفين عدلياً منقطعون حكماً عن القيام بوظائفهم، بموجب القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، ولا يمكن بالتالي تكليفهم بمهام جديدة”.
وأضاف البيان: “ثمة موظفون، غير السيد ضاهر، ينتمون إلى الفئتين الأولى والثانية موقوفون عدلياً لم يتخذ في شأنهم أي تدبير إداري بعد، الأمر الذي يفرض أن يُطبّق الإجراء المطلوب تطبيقه على السيد ضاهر على الجميع من دون استثناء، عملاً بمبدأ المساواة”.
وفي حين رأى بعضهم أن ما قام به عون يعد تعدياً على صلاحيات رئاسة مجلس الوزراء، قال عضو كتلة “المستقبل” محمد الحجار لـ”الشرق الأوسط” إنه ليس تعدياً على صلاحيات الحكومة “بقدر ما هو تغطية على شخص تحوم حوله شبهات واتهامات في ملف انفجار مرفأ بيروت” الذي تسبب بتدمير نصف العاصمة، وراح ضحيته 7 آلاف شخص بين قتيل وجريح. وأضاف الحجار أن موقف الرئيس “متعلق بمحاباة ضاهر الذي ينتمي إلى تياره، والتغطية عليه”، في إشارة إلى قرب ضاهر من “التيار الوطني الحر”. وأكد أن “اشتراط الرئيس أن يوقع مراسيم إعفاء جميع الموظفين مرة واحدة يعني أن عون يطبق مبدأ الستة مكرر ستة (قاعدة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين)”، مضيفاً: “هذا الأمر لا يجوز في هذه الحالة، حيث هناك شبهات تحوم حول ضاهر”.
وتابع: “العهد الذي يتحدث عن الإصلاح يثبت في ممارساته غير ذلك، بمعنى عدم المساس بأي شخص مقرب منه”. ورأى أن كل الآمال المعقودة على إصلاح البلد “تضرب بها ممارسات عون عرض الحائط”. وردّت الأمانة العامة لمجلس الوزراء المرسوم إلى عون مرة أخرى لتوقيعه.
وقالت الأمانة في رسالة موقعة من الأمين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية: “احتراماً لقرار مجلس الوزراء، لا تجد الأمانة العامة لمجلس الوزراء ما يشكل مسوغاً قانونياً يوجب إعادة المعاملة إليها، ما يستتبع بالتالي إعادتها إليكم”.
وقال مكيّة في الرد إن الإجراء ليس تأديبياً، بل هو إجراء إداري، لافتاً إلى أن مبدأ المساواة “يُسأل عنه الوزراء المعنيون” الذين يوقعون مراسيم إعفاء الموظفين التابعين لهم إدارياً من مهامهم. ولفتت إلى أنها أحالت بتاريخ 10 أيلول الحالي مشروع مرسوم إعفاء مدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي من مهام وظيفته إلى وزير المالية لتوقيعه، مؤكدة أن رئيس الحكومة سيوقع المرسوم دون إبطاء، عندما يوقعه الوزير غازي وزني. كما سيوقع جميع المراسيم المشابهة التي ترد إليه من الوزراء المعنيين، وإحالتها إلى رئاسة الجمهورية لإصدارها، وفقاً للأصول الدستورية، ملتزماً بذلك بموجباته الدستورية بصفته رئيساً لمجلس الوزراء.
وبلغ عدد الموقوفين بتهمة انفجار مرفأ بيروت 25 شخصاً، بموجب مذكرات وجاهية، بينهم ضباط وأمنيون ومديرون عامون سابقون وحاليون، من بينهم المدير العام لجهاز الجمارك بدري ضاهر، ورئيس مجلس إدارة المرفأ حسن قريطم، ومدير عام النقل البري والبحري عبد الحفيظ القيسي.
وفي سياق متصل، أعطى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، مساء السبت، إشارة إلى الجهات المعنية بنقل مدير الجمارك بدري ضاهر من مكان توقيفه في سجن الريحانية إلى أحد مستشفيات جبل لبنان، بعد تعرضه لضيق في التنفس بسبب التهابات في الجيوب الأنفية كان يعاني منها في السابق، بحسب ما أفادت به “الوكالة الوطنية للإعلام” الرسمية اللبنانية.