شروط ومطالب تؤخّر حكومة أديب: هل المبادرة الفرنسية مُهدّدة؟… عبد الكافي الصمد

لم يخرج أمس الدخان الأبيض الذي كان منتظراً من قصر بعبدا، إثر زيارة رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب لرئيس الجمهورية ميشال عون، بعدما سرت أجواء أنّ أديب سيقدّم مسودة تشكيلة حكومته إلى عون، وأنه بعد قبولها، ستصدر مراسيم تشكيلها فوراً، على أن تبدأ الإستعدادت لإعداد بيانها الوزاري ثم مثولها أمام المجلس النيابي تمهيداً لنيلها الثقة.

لكنّ هذه الأجواء تبخّرت سريعاً بعدما خرج أديب من لقائه مع عون، الذي امتد قرابة ساعة، ليقول: “نحن في مرحلة تشاور مع فخامة الرئيس. وإن شاء الله خيراً”. ما طرح أسئلة حول مصير مهلة الـ15 يوماً التي أعطاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للقوى السياسية لتأليف الحكومة، يوم زار لبنان بعد ساعات من تكليف أديب تأليف الحكومة في 31 آب الماضي.

أسباب تعثّر تأليف الحكومة حتى الآن بعد انقضاء أكثر من نصف المهلة التي أعطاها ماكرون للطبقة السياسية اللبنانية، متعدّدة، ويمكن تلخيص أبرزها بالآتي:

أولاً: لم يجد طرح أديب تشكيل حكومة مصغّرة من 14 وزيراً قبولاً من أطراف عدّة، ولأسباب مختلفة، تبين بأنّ أهمها هو إرضاء القوى السياسية في تمثيلها داخل الحكومة، ما جعل فكرة الحكومة المصغّرة تدفن باكراً، ليطرح بدلاً منها حكومة موسّعة من 20 إلى 24 وزيراً.

ثانياً: يواجه تأليف الحكومة مأزقاً فعلياً وهو مداورة الحقائب السيادية والأساسية بين مكوناتها السياسية، وهي مداورة يضع كل فريق سياسي شروطه عليها، أو يعلن رفضه لها. حركة أمل مثلاً ترفض التنازل عن وزارة المال وتصر على الإحتفاظ بها بحجّة “التوازن” وضرورة منح الطائفة الشيعيّة الحقّ بالتوقيع على القرارات الكبرى إلى جانب توقيع رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنّي إضافة إلى توقيع الوزير المعني بكل قرار.

وكذلك يصرّ حزب الله على الإحتفاظ بوزارة الصحّة، ومثله تيار المستقبل لا يقبل التنازل عن وزارتي الداخلية والإتصالات، وكذلك التيار الوطني الحرّ الذي يصرّ على التمسّك بوزارة الطاقة، وإن كان قدّم شرطاً تعجيزياً للقبول بهذا التنازل وهو حصوله على وزارتي المال والداخلية بديلاً منها.

ثالثاً: يواجه تأليف الحكومة مأزقاً آخر وهو الفيتوات الداخلية التي توضع على توزير هذا الشخص أو ذاك في الحكومة، إضافة إلى فيتو خارجي على مشاركة حزب الله في الحكومة، وهي فيتوات تبدو بمثابة ألغام تحتاج إلى وقت ليس قصيراً لفكفكتها.

رابعاً: بعد إعلان القوات اللبنانية قرارها عدم مشاركتها في حكومة أديب، ينتظر أن يتجدد الصراع بين التيار الوطني الحر وتيار المردة على “وراثة” تمثيلها في الحكومة، كما كان الحال إبّان حكومة الرئيس حسّان دياب، وهو صراع ينتظر بدوره أن يأخذ الكثير من الوقت قبل حسمه.

خامساً: تبدو الأسماء المطروحة للتوزير أشبه ببالونات اختبار ومحاولات تهدف إلى جسّ النبض، أو مقدمة لإحراق أسماء مرشّحة للتوزير. لكن يتضح أن تشكيل الحكومة ينتظر نتائج الإتصالات والضغوطات التي يقوم بها الرئيس الفرنسي عبر مستشاره إيمانويل بون، المكلف بالملف اللبناني إلى جانب مدير الإستخبارات الفرنسية، وترقّب مدى استعداد القوى المحلية والخارجية للتجاوب مع المبادرة الفرنسية، أو استنزافها تمهيدا لفرض شروطهم عليها، أو إسقاطها.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal