عقد المناضل توفيق سلطان مؤتمرا صحافيا استهله بالإشارة إلى مرور شهر على انفجار مرفأ بيروت وقال: بداية أقف اجلالا واحتراما لذكرى شهداء الفاجعة والجريمة التي هزت ليس لبنان وحده بل هزت العالم ولم تهز حكامنا، بل إن بعضهم قال إنها فرصة لرفع الحظر عن لبنان واعتبروها فرصة متزامنة مع مرور مئة سنة على تأسيس لبنان الكبير الذي كنت آمل أن يكون ختامها مسك ولكن في هذا العهد السيء وصلنا إلى الحضيض .
أضاف سلطان: وأعود إلى طرابلس التي تعودت على مر التاريخ أن يكون لها موقف صريح من مجريات الأمور منذ العام 1920 تاريخ إعلان لبنان الكبير فقد كانت محورا أساسيا في العمل الكياني نظرا لقيمتها السياسية. لكن ما يجري اليوم يثير العجب والريبة جراء هذا الصمت المريب وكأن طرابلس من كوكب آخر لا علاقة لها بما يجري .
لو جرت تشكيلات قضائية أو دبلوماسية في وظائف الفئة الأولى ولم يكن لطرابلس نصيب لعلت الأصوات والاحتجاجات. أما أن يكون الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة ابن طرابلس وهذا أمر بغاية الأهمية، لأن هذه الحكومة الموعودة تعلق عليها الامال بالإصلاح والأعمار والبناء وكل هذه الأمور تعنينا في طرابلس المهملة والمنكوبة وما المناطق المهملة في التبانة منذ العام 1983 إلا انموذجا لما جرى في بيروت وحيث تأتي وسائل الإعلام المرئية إلى طرابلس وتعود لتصور باب التبانة اليوم والدمار الحاصل فيها والباقي حتى يومنا هذا والذي يشبه ما حصل في الجميزة ومار مخايل فللاسف لا تزال طرابلس مغيبة وهي محطة أساسية للعب على مشاريع مشبوهة خارجية .
فأين طرابلس مما يجري في لبنان ؟ وانظار العالم شاخصة إلى البلد والوفود تتوالى والمشاريع تبحث ونحن عن كل ذلك غائبون فاذا كان لبنان كل لبنان يعاني اليوم فإن طرابلس تعاني منذ سنين طويلة وهي بانتظار الدولة العادلة والقانون التي تحترم حقوق المواطن وتلتزم بالانماء المتوازن .
تابع سلطان: إن تكليف الدكتور مصطفى أديب تشكيل الحكومة بعد أن رشحه الرئيس سعد الحريري بالتشاور مع رؤساء الحكومات السابقين وتسميته من قبل تسعين نائبا لهو أمر يبشر بالخير ويدعو للاعتزاز .
اردف سلطان: وان طرابلس التي قارعت الاستعمار الفرنسي ودفعت دماء غالية من أجل الاستقلال تقف اليوم بكل احترام وتقدير للدور الفرنسي والجهد الكبير الذي بذله الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وترى في الوثيقة الإصلاحية التي أقرتها الحكومة الفرنسية برنامج عمل للحكومة يضع لبنان على طريق الخلاص، وهذه الوثيقة هي بمثابة مطالب أساسية يطالب بها الشعب اللبناني من أجل الإصلاح .
وأقول أن فرنسا أثبتت أنها الأم الحنون للبنان الذي يفتقد الأب والأخ والأخت وهو الذي لم يقصر في النضال من أجل القضايا العربية وفي طليعتها القضية الفلسطينية .
وقال سلطان: أنني أشعر بغصة وغضب لغياب بعض العرب وانشغالهم بالتطبيع مع العدو وما عجزوا عن انتزاعه من الرئيس محمود عباس (أبو مازن) يحاولون الوصول إليه مواربة، رحم الله الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي وصف الجيش الأميركي في العراق بجيش الاحتلال .
فالمطلوب اليوم من الرئيس المكلف أن يقف بشجاعة وثبات بداية (من أول الطريق) في الحفاظ على الدستور الذي يحاول من كان ضد الطائف أن يعدله بالممارسة، و(لا اتي في هذا المجال بشيء من عندي فهذا ما يقولونه ويعلنون عنه)، وأن يبتعد عن أسلوب التسويات الذي اوصلنا إلى ما وصلنا إليه مستندا ومستقويا بالرأي العام الضاغط والمجتمع الدولي المراقب وقبول القوى السياسية بأنها لا تريد شيئا لنفسها، وفق ما كشفت عنه بعيد الاستشارات غير الملزمة، وبأنها مع الإصلاح ومحاربة الفساد فليلزمها بما تعهدت به وليفضحها بحال نكوسها.
ولا شك في أن أمام الرئيس المكلف فرصة تاريخية لتحقيق ما عجز عنه من سبقه لأنه جاء بشبه إجماع وبرقابة وضغط دوليين لا سابقة لهما.
أما صلاحيات رئيس الجمهورية بالتشاور فهي للتسهيل وليست للتعطيل. فخلال التشكيل قد يحصل أن يجري قضم بحجة الصلاحيات التي وجدت في الدستور لا لتعطل النظام الديمقراطي البرلماني وتحوله إلى نظام رئاسي مواربة. نريد أن نخرج من ظاهرة “شوفو جبران” .
فالآن نحن تسلط علينا الأضواء كما أننا تحت المجهر الدولي نخضع للمراقبة، فكل واحد سيكذب أو يشذ سيواجه بعقوبات داخلية وخارجية، فلنستفد مما حصل عندنا فقد حولت المصيبة التي اصابتنا الأنظار إلى لبنان وان الأوان أن نجد الفرصة لإنتعاش لبنان وإعادة نهوضه على قاعدة المحاسبة وبناء لبنان الجديد العادل خارج إطار المحاصصة والسرقات والنهب .
إننا أمام كلام توجهه الوفود إلى المسؤولين ولا يقتصر الأمر على الرئيس ماكرون، ونحن أمام كلام يشدد على إعطاء مساعدات ولكن للناس لا للدولة وذلك بمثابة إهانة ويتقبل النظام ذلك وهو مطأطأ الرأس إذ أنه يعرف انه مرتكب ويعرف نظرة العالم له ويعرف أكثر من ذلك أن الشارع أكثر اشمئزازا من الخارج.
وجميعنا رأينا كيف أن الرئيس الفرنسي تجول في بيروت وحيث حل الدمار بالترحاب ولا يتجرأ أي مسؤول على أن ينزل خوفا من أن يلاحقه الناس بالبندورة والبيض .
ختم سلطان: آمل أن تعود طرابلس أيقونة الثورة وان لا يتسلل اليها بعض المشبوهين لتشويه صورتها وتحويلها إلى أجندات خارجية ليست منها في شيء فطرابلس بغنى هن هذه الممارسات التي أساءت لها إساءة كبيرة، فلتعد طرابلس إلى اصالتها وإلى دورها الوطني والقومي ولينتعش اقتصادها وأمس حضر السياسييون إلى مرفأ المدينة والحمد لله انهم تذكروه بعدما عارضوا تأهيله وتطويره ولم يساهموا في تقدمه، ولكن والحمد لله عمل المرفأ إلى مزيد من التطور وأمس تم تلزيم قسم من البنى التحتية رست على شركة “حورية” وأمل أن يأخذ دوره في الاقتصاد الوطني فهو يتكامل وطنيا ولا ينافس أي مرفأ وليس مركزا لأي قوى مشبوهة، وكل مؤسسات الدولة موجودة فيه فأهلا بالمستثمر واهلا بالتاجر وطرابلس ستبقى في خدمة الاقتصاد اللبناني والقومي أيضا .