عالج البروفسور أمين عاطف صليبا في كتابه الجديد موضوع: قانون الاستملاك: مفاعيله على الملكيّة الفرديّة (عن المؤسسة الحديثة للكتاب، لبنان، 2020). يأتي الكتاب على وقع ″الحجر الإلزامي الذي فرضه وباء الكورونا على العالم، أتاح لي فرصة إتمام هذا الكتاب الذي كنت قد باشرت به منذ أكثر من سنة(…) وفرضت الجائحة عليّ كغيري عدم الخروج، وبالتالي الانصراف إلى الكتابة وإتمام هذا الكتاب″.
يقدّم الكتاب “للأجيال القادمة قائلًا لها بأنّ الغاية منه، هي تحقيق هدفين:
الأوّل: وضع دراسة عن الاستملاك تخرج عن المفهوم الكلاسيكي للكتب السابقة في هذا المجال، ومن يقرأ سيدرك ما قصدت من وراء هذا الكلام.
الثاني: لكي تبقى الذاكرة حيّة من أنّ لبنان والعالم تعرّضا متذ بداية 2020 لوباء قاتل من″فيروس″ مجهول المصدر لا يرصد إلّا بالمجهر أطلق عليه اسمًا على مسمى وهو الفيروس الشيطاني الذي فرض الحجر على العالم أجمع″.
يتّضح من مسرى الكتاب توسّعه في بحث موضوع الاستملاك في غياب الدراسات المتوسّعة فيه الذي هو بحسب محكمة التمييز اللبنانيّة في قرارها رقم 37 تاريخ 10/ 10/ 1966، ″عمل قضى بموجبه للسلطة على الفرد أن يتفرّغ عن ملكيّة عقارية في سبيل الصالح العام لقاء تعويض عادل يعرض عليه″.
عرف لبنان الاستملاك منذ قبل نيله الاستقلال “بحسب النظام القانوني العثماني الصادر عام 1328 هجري (1910- 1911) ، كما أنّ لبنان عام 1926 اكتسب هذه االقاعدة الدستورية عن دستور الجمهورية الثالثة الذي كان معتمدا قي فرنسا”.
من هنا طرح المؤلّف إشكالية محدّدة تتمحور حول عدالة قوانين الاستملاك خاصة في ظلّ وقائع حصلت في الماضي تؤكّد بأنّ بعض الإدارات لا سيما البلديات قد توسّلت قانون الاستملاك النافذ في حينه لنزع الملكيّة الفرديّة دون أن تكون المعالجة التي اعتمدها مجلس شورى الدولة من أنّ “المنفعة العامة هي مقياس الاستملاك”.
قام المؤلف بدراسة قانون الاستملاك المطبق حاليا في لبنان والتطرّق إلى النزاعات التي تعترض مسيرة علميّة الاستملاك، لأنّه لهذه العملية الاستملاكيّة لها عدّة مراحل متتابعة، حيث لا يمكن للإدارة أن تنزع الملكيّة الفرديّة من صاحبها إلاّ بعد استنفاد تطبيق تلك المراحل”.
كما أشار المؤلف إلى “أنّ عمليّة الاستملاكات تندرج من الاستملاك العادي إلى الاستملاك المستعجل وصولا إلى الاستملاك غير المباشر وإلى الاستملاك الناتج عن التخطيط وإلى المصادرة بنوعيها العسكري والمدني كون المصادرة تعدّ خروجًا عن مفاهيم قانون الاستملاك وإن لجأت إليها الإدارة وفق تشريعات قديمة والتي جاء القانون رقم 550 تاريخ 20/10/ 2003 ليوحّدها وليضفي عليها قوّة قانونيّة”.
هذا ويجيب المؤلف في كتابه على سؤال محوري هو التالي: “هل إنّ التعديل الذي طال قانون الاستملاك عام 2006 وقانون المصادرة الجديد 550/ 2003 قد حسّنا الضمانات المعطاة للمواطن المستملكة ملكيته أم مصادرة لمصلحة الإدارة”.
يخلص المؤلف إلى المقارنة بين النصّ القانوني اللبناني والفرنسي مشيرًا إلى أنّ “المشترع الفرنسي أناط إيلاء التحقيق إلى أشخاص يتمتعون بالكفاءة الفنّية والقضائيّة حيث يتمّ تعيينهم من قبل رئيس المحكمة الإداريّة ضمن نطاقة الإقليمي، وفي حال اعتمد المشرّع اللبناني مثل هذه النّصوص يمكن القول إنّ المواطن فعلا ملكيته في حمى المادة 15 من الدستور حيث لا تترك الإدارة على مزاجيتها في هذا المجال”.
يبقى أن البروفسور أمين صليبا اعتمد صورة الواجهة البحريّة “لمسقط رأسي بلدتي أنفه الضاربة في عمق التاريخ” للدلالة على كيف خطط مسؤولو ذلك الزمان الغابر، لأجل ضمانة سلامة جماعتهم من خلال تحويل هذا الرأس الصخري إلى قلعة للاحتماء”.
ختامًا يشير المؤلف إلى أن هذا الكتاب وهو الثامن “وقد يكون الأخير في مجموعتي بهدف إغناء المكتبة القانونيّة اللبنانيّة والعربيّة” ونرى أن يبقى حرف “قد” هنا للتقليل، وليس للتحقيق، فالمكتبة لا تشبع من الكتب ولو تساقطت أوراق القرطاس لمصلحة الكتاب الإلكتروني.