كورونا يضرب في الضنّية: هل ما زال الإحتواء ممكناً؟… عبد الكافي الصمد

أعطت ساعات نهاية الأسبوع الماضي في الضنية مؤشراً غير مطمئن على صعيد إنتشار  فيروس كورونا كوفيد ـ 19، بعدما سجلت 5 إصابات في المنطقة توزّعت بين بلدات السفيرة (3 إصابات) وعاصون (إصابة واحدة) وطاران (إصابة واحدة)، ورسمت معالم قلق واضحة حول مستقبل تفشي الفيروس في الضنية، واحتمال خروجه عن السيطرة إذا استمر التعاطي الرسمي والشعبي، المتراخي والمستهتر، معه على المنوال ذاته.

تسجيل هذا العدد المرتفع من الإصابات بالفيروس في الضنية، هو الأول فيها منذ تسجيل أول إصابة فيها في 3 آذار الماضي، ووصول عدد المصابين في قضاء المنية ـ الضنية، ككل، إلى 32 إصابة، حتى يوم الجمعة الماضي، واستقرار عدد الوفيات في القضاء على إثنتين فقط، منذ تسجيل أول وفاة في بلدة سير في 22 نيسان الفائت.

ومع أنّ الضنّية عاشت فترة إستقرار صحّي لافت في الأشهر الثلاثة الماضية، أسهمت في تراخي الإجراءات والتدابير المتخذة من قبل السلطات المعنية، وعلى رأسها وزارتي الصحّة والداخلية تحديداً، والإستهتار من قبل المواطنين، إذ سُجّل وقوع إصابات متواضعة بالفيروس في بلدات وقرى القضاء خلال أشهر أيّار وحزيران وتموز الماضية تقلّ عن عدد أصابع اليد الواحدة، فإنّ تطورات الأيّام الأخيرة وظهور عدد لافت من الإصابات شكّل خشية جدّية من أن يكون ذلك مقدمة لانتشار الفيروس على نطاق واسع، وأن يكون ذلك ثمن عدم التعاطي بجدّية كافية مع فيروس خطير بهذا الحجم.

فقبل أن ينقضي اليوم الأول من عيد الأضحى المبارك، يوم الجمعة الماضي، سجل ظهور إصابة بالفيروس في بلدة السفيرة، هو م. ن. الذي يعمل في شركة سوكلين في بيروت، قبل أن يتبعه أمس تسجيل ثلاث إصابات لأشخاص يعملون معه في الشركة نفسها، إثنان من السفيرة هما ي. هـ. وأ. ل. والثالث م. ط. من بلدة طاران، بعدما كانت بلدة عاصون قد سجلت يوم السبت الماضي ظهور إصابة فيها للشاب ح. ج. في محلة بيت جيدة.

كان تسجيل هذا العدد من الإصابات كافياً لبث الخوف والهلع في نفوس المواطنين، ولدفع السلطات المعنية، الأمنية والصحية، لاتخاذ إجرءات مشدّدة قبل فوات الأوان من أجل احتواء الفيروس ومنع تفشّيه وخروجه عن السيطرة.

لكن أيّ شيء من هذا لم يحصل، وبقيت الحياة في الضنية تسير بشكل طبيعي وكأنّه ما من فيروس تفشى، ولا مخاطر من إنتشاره، ولا إصابات ظهرت فيها، اذ شهدت المنطقة في عطلة نهاية الأسبوع، وبمناسبة عيد الأضحى المبارك، إقبالاً كثيفاً عليها، وشهدت طرقاتها وتحديداً طريقها الرئيسية التي تربطها بمدينة طرابلس، إزدحاماً كبيراً، كما غصّت المطاعم والمقاهي بالروّاد والمتنزهين، وشهدت بلدات وقرى المنطقة تنظيم حفلات أعراس ومجالس عزاء، غابت عنها كلياً إجراءات وتدابير الوقاية المطلوبة من التباعد الإجتماعي إلى ارتداء الكمّامة وغيرها، ما جعل صرخات ونداءات كثيرة ترتفع تدعو إلى وضع حدّ لهذا الإستهتار الذي يخشى أن يكون ثمنه الصحّي كبيراً.

ومع أنّ رئيس اللجنة الصحية في خلية الأزمة الدكتور محمد سلمى أشار إلى أنّه “تجري عدة إتصالات على أكثر من مستوى من أجل اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة، بعد تسجيل هذا الرقم الكبير من الإصابات في الضنّية، وخشية تفشّيه وانتشاره على نطاق أوسع وخروجه عن السيطرة”، فإنّ المشهد على الأرض لا يبعث على الإطمئنان، إذ باستثناء التدابير والإجراءات التي اتخذتها البلديات المعنية بالأشخاص المصابين في الأيّام الأخيرة، وهي السفيرة وعاصون وطاران، فإنّ القوى الأمنية لا تتعامل بجدّية مع الموضوع، وهي لم تبادر إلى إقفال المطاعم والمقاهي المزدحمة، ولا منع التجمعات والأعراس، فضلاً عن أنّ وزارة الصحّة لم تتخذ أي تدبير جدّي، كما أن المواطنين يبدون إستهتاراً مخيفاً بالأمر يخشى أن يدفعوا ثمنه غالياً.


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal