لا يحتاج الحديث بين أصدقاء الى مناسبة، ربما! غير انه حين يصادف ان يلتقي غسان بحسن وجان فيظهر بين حدث وآخر وتتطاير الكلمات حول أمور واهتمامات، أن يباغتك غسان على انه يطلب شيء يشبه مقال، توثيق لقاء، نص حول انطباع، عن الفيلم يا جان؟ فيجيب المنادى بعفوية و بسرعة، امامك حسن خذ منه ما شئت.
يقول حسن: (وبدون شرح خلفيات التوريطة!) لو قدر لي ان أحكي الحكاية من أولها وكأنك تسألني يا “غسان” عن فيلم “المير”؟ فلما لا احيلك الى ما يشبه قولي في الفيلم. تصور حالتك وانت في الغرفة بالمهاجع الطلابية حيث تتابع ما تتعلّم ويأتيك خبر يغدر بك يقول: ” أبوك قتل تحت باب البيت برصاص لم يصبه مقتلا غير ان المضاعفات التي حصلت له خلال ساعات أردته شهيدا.” وكان قد سبق له ان كان معك “هناك” في البلد الذي تدرس فيه بالجامعة وقد تعشيت معه من أشهر قليلة وودعك وحضنك. ما يمكن ان احاول قوله يا غسان!؟ تصور انه ايامها لم تستطع الوصول الى الجنازة أو التعازي الا بعد أيام أسبوع تقريبا. تصور حالتك وإرث تلك اللحظات الخاطفة على حياتك وحياة أفراد العائلة وتأمل أثر السنين على كل باقي التداعيات.
– أتى الفيلم ليجعلك تتخفف من كل أحمال السنين التي مرت؟
لم يكن الفيلم هاجسي فحين إغتيال الوالد كنت في سنواتي الجامعية إنما اختي رلى واخي زياد بالكاد كانا وصلا الى الأربع سنوات لرلى والسنة والنصف لزياد. كانا صغيرين جدا. وفكرة انجاز الفيلم او اي عمل وثائقي توثيقي عن “ابو حسن” كانت تشغلهما أكان من خلال مقابلات مع من عرف “المير” وذهب زياد الى تسجيل عدد قليل منها ومن بينها شهادة مع “الدكتور عبدالمجيد الرافعي ” التي استخدم جزء منها في الفيلم. وقد عرف “أحمد المير الأيوبي” من سنة 1956. غير ان رغبتهما كانت تتوقف ويعترضها صعوبات.
هنا تدخل جان وتابع قائلا: الى ان طرح زياد فكرة تكليف من يهتم من الطلاب في تخصص الإعلام والوسائل السمعية البصرية بالقيام بالمقابلات كمرحلة أولى لحفظ الذاكرة الخاصة بمن صادق وزامل ورافق “أبو حسن”. والهدف كان الخروج بمواد لكتاب. غير انه سرعان ما اقنعت زياد بوجوب الذهاب الى وثائقي مصور مباشرة. وبصراحة كانت حماستي تأتي من ان خشيتي حول كثير من الشخصيات قد تكون قد فارقت الحياة، وهذا ما تأكد من القراءة الاولى للائحة التي سبق وحضرها “زياد”، وكان الإتفاق سريعا وحاسما. وانجزنا الفيلم بين كانون ثاني وحزيران من هذه السنة. وقد التقينا لإتمام ذلك بهذه الشخصيات وبدون ألقاب أورد لك اسماؤها بحسب إجرائنا للمقابلات:
“أديب نعمة، أميمة نعمة، صفوح منجد، حسام خياط، عبد الله جريج، غابي سرور،
حسن الأيوبي، مايز الأدهمي، صلاح صيداوي، رشيد درباس، نعمان شربجي، محمود طبو، محمد صافية، صباح عزيز، سالم بديع دقناش، سمير مراد، الياس عطاالله، كريم مروة،
توفيق سلطان، نهلة الشهال، حنا غريب، غسان رفاعي،عبدالقادر علم الدين، إقبال سابا،
طوني فرنسيس، أديب ورّاق، شفيق حيدر، مهى الأيوبي، رندة الأيوبي، فهد الأيوبي،
محي الدين الترك، لينا الأيوبي، نور الأيوبي، ماجد الأبطح، هشام دبليز، كامل هاجر،
طلال رفاعي ، سمير قصاب، محمد بشير، حبيب فارس، جميل صافية.”
يهمني ذكر امرين مهمين ومؤثرين بالفيلم الأول هو حصولنا على السماح الكريم باستخدام موسيقى من “مارسيل خليفة” كموسقى تصويرية لأحد مشاهد الفيلم وهي موسيقى “الجسر” والتي أداها بحرفية مناسبة “إبراهيم رجب” والذي ألف مقطوعة خاصة بالفيلم بعنوان “لون الرصاص” مما قدم لمحة فنية خاصة جدا جعل للفيلم بعضا من جمالية خاصة ولو كنت أرغب بالتمادي بها والإضافة عليها غير ان ما فرضه على إيقاع الفيلم خربط الكثير من مخططاتي. والأمر الثاني هو جدارية بوستر الفيلم التي صنعها “طلال رفاعي” من وجوه المتحدثين والتي لخصت فكرة الفيلم كجامعة لانعكاس وجوه المتذكرين وتجمع شهاداتهم ليؤلفوا وجه “أحمد المير الأيوبي” كما حصل بالوثائقي.
الحديث بين الأصحاب قد يطول كما أنه قد يطال شؤون كثيرة وهي تبقى على جانب اهتمامات المصرح به لينقل ولو على صيغة مقال..: ” أليس كذلك يا غسان ..!؟ ” ربما يصلح لفيلم عن حفل موسيقي نغني وتغني لنا موال..! هل ترى ان ذلك محال؟ لما يجري من واقع الحال.!
ج ، ح ، غ
البينكي ذات يوم من تموز..