مرتا مرتا إنك تهتمين بأمور كثيرة.. إنما المطلوب واحد.
ربما يصح هذا القول على حكومة حسان دياب، التي تهتم بأمور كثيرة، وتغطي السماوات بـ″القباوات″، وتعمل من الحبة قبة، وتبالغ في إغداق الوعود، وتلف وتدور في ملفات كثيرة تحت حجة حل الأزمات، وتجري الاتصالات مع الجهات الخارجية، وترسل الموفدين، وتفاوض صندوق النقد الدولي، وتحارب الدولار بقوة الأمن، وتواجه الغلاء بعصا وزارة الاقتصاد المكسورة، وتعلق فشلها على سياسات سابقة، وعلى مؤامرات تحاك ضدها، لكنها لا تقوم بما هو مطلوب منها على الصعيدين الوطني والخارجي، وهو ″الاصلاح″ الذي تدور حوله ولا تقاربه أو تعمل به.
كل ما تقوم به الحكومة اليوم على صعيد حل الأزمات هو ″سراب يحسبه الظمآن ماء″، حيث يعلم القاصي والداني إلا الحكومة ورئيسها ووزراءها أن ″الاصلاح″ هو المفتاح الوحيد لأبواب المساعدات، وأن كل الدول المانحة والدول الشقيقة والصديقة ربطت تقديم المساعدات لاخراج لبنان من أزماته المالية بتحقيق “الاصلاح” الذي ما تزال الحكومة ومن يغطيها يتذاكون بشأنه على من يعنيهم الأمر الذين بدأوا يهددون بإدارة الظهر كليا للبنان وشعبه إذا ما إستمر هذا ″الدجل السياسي″ وهذا “التصرف الأرعن” مع الذين يعوّل عليهم لمساعدة لبنان ووقف الانهيار الذي يخيم عليه.
المطلوب واحد، وهو ليس صعب المنال، بل يحتاج الى قرار سياسي والى صدق في النوايا، والى تغليب المصالح الوطنية على ما عداها، فلا يختلف إثنان على أن مفتاح “الاصلاح” في لبنان هو في قطاع الكهرباء وإستقلالية القضاء، وهما حتى الآن ما يزالان تحت الهيمنة السياسية التي تبعد صفة “الاصلاح” عن لبنان.
في الكهرباء التي تحولت الى عملة نادرة في العام 2020 رغم الأرقام المالية الفلكية التي صرفت عليها، ما تزال الأمور موضع أخذ ورد، فمجلس إدارة شركة كهرباء لبنان الذي عينته الحكومة مؤخرا جاء بمحاصصة سياسية موصوفة، ضربت كل شعارات الحكومة وإستقلاليتها وشفافيتها، وأكدت بما لا يقبل الشك أن رئيسها حسان دياب بدأ يدخل شريكا مضاربا الى سوق المحاصصة ما يجعله أكثر ضعفا في مواجهة الأزمات.
أما الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء التي تعتبر أساس “الاصلاح” في لبنان، كونها تمنع الاحتكار وتعطي التراخيص وتراقب عمل الشركات التي تنفذ المشاريع، فما تزال في علم الغيب، في حين تحاك المؤامرات ضدها عبر إيجاد تشريعات تحولها من هيئة تقريرية ـ تنفيذية الى هيئة إستشارية ـ صورية تعمل تحت سلطة وزير الطاقة ما يجعلها لزوم ما لا يلزم، ويجعل قطاع الكهرباء يتخبط في أزماته وفي هدره وفساده ويبعد صفة “الاصلاح” عن العهد والحكومة.
أما إستقلالية القضاء فحدث ولا حرج، حيث شكل رفض رئيس الجمهورية توقيع مرسوم التشكيلات القضائية التي أعدها مجلس القضاء الأعلى مخالفة للدستور في الدرجة الأولى، ومن ثم تدخلا في عمل القضاء، وحماية لقضاة محسوبين سياسيا على الرئيس وعلى تياره السياسي، الأمر الذي أعطى صورة سيئة جدا عن لبنان عند الدول التي تبحث في شؤونه وفي كيفية إخراجه من أزماته..
اللافت اليوم، أن كل الدول المعنية بالشأن اللبناني تطالب بـ″الاصلاح″ حتى تفتح ″حنفيات″ المساعدات، في وقت يأسف فيه كثير من المسؤولين المعنيين عربيا ودوليا لوضع لبنان المهدد بالجوع وبالتوترات الاجتماعية وصولا الى الفلتان الأمني، بينما تمعن الحكومة في لامبالاة غير مبررة، وفي تذاك ممجوج، ما يجعل لسان حال هذه الدول: “قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر”.
مواضيع ذات صلة:
-
طرابلس رهينة الفوضى.. و″ليس في كل مرة تسلم الجرة″!… غسان ريفي
-
فيلم ″أكشن″.. من بطولة حسان دياب!… غسان ريفي
-
رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي