الحكومة أمام خيارين: العودة إلى التعبئة العامّة أو تفشّي كورونا؟… عبد الكافي الصمد

هل تعود الحكومة إلى فرض إجراءات وتدابير التعبئة العامة بهدف احتواء ومواجهة فيروس كورونا المستجد ـ كوفيد 19 بعد تفشيه على نطاق واسع في اليومين الماضيين، وارتفاع أعداد الإصابات في لبنان إلى مستوى غير مسبوق منذ ظهور أول إصابة في البلاد في شهر شباط الماضي، ما بات يهدد السلامة العامة وصحّة المواطنين على نطاق واسع، ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر مجدداّ؟.

هذه الأسئلة المقلقة وغيرها طرحت في مختلف الأوساط في الساعات الماضية بعد تسجيل 166 إصابة يوم أمس بالفيروس المذكور، ورفع العدد الإجمالي للمصابين في لبنان إلى 2344 مصاباً، ما حدا بوزير الداخلية والبلديات اللواء محمد فهمي إلى الطلب من المواطنين “وجوب التقيد بالتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة العامة، لجهة إستخدام الكمّامات والمحافظة على المسافة الآمنة، وتفادي الأماكن المكتظة، تجنباً لأي إجراءات قد تتخذها الحكومة بما خص التعبئة العامة”، طالباً من المواطنين “الحفاظ على حياتهم وحياة عائلاتهم”.

هذه الأجواء المقلقة من احتمال أن يكون مقدمة لخروج الفيروس عن السيطرة، وأن يكون لبنان دخل في المرحلة الثانية من تفشي الفيروس من غير اتخاذ أي تدابير مسبقة أو موازية، برزت خلال يوم أمس، كما في الأسبوع الماضي، بعد الإعلان عن إصابة 130 شخصاً بالفيروس ممن يعملون في إحدى شركات التنظيف في قضاء المتن، وتحديداً في نطاق بلدية الجديدة ـ البوشرية ـ السد، من أصل 240 شخصاً يعملون في الشركة أجريت لهم فحوصات PCR ، وحيث جرى نقل المصابين لاحقاً إلى مركز حجر خارج نطاق المنطقة، بينما عملت البلدية على تعقيم كامل المبنى والغرف والألبسة الخاصة بالعمال منعاً لتفشي الفيروس.

ما حصل في المتن من هلع وقلق شهد قضاء صور أجواء شبيهة له، بعد ظهور عدد من الإصابات في بلدات البازورية وجبال البطم (جرى إغلاقهما ليومين بشكل كامل، ومنع دخول وخروج أي شخص للبلدتين بعد ظهور إصابات فيهما) وصديقين ورشكناناي، حيث وضع أصحابها جميعهم في الحجر المنزلي، وتحت الرقابة الصحية.

هذا التطور الخطير على صعيد تفشي فيروس كورونا في لبنان طرح عدداً من النقاط على طاولة البحث لدى المسؤولين، من أبرزها:

أولاً: إعادة العمل بحالة التعبئة العامة أصبح خياراً جدّياً لدى الحكومة، لكن النقاش يدور حول تطبيقها، والتزام المواطنين بها، بعد ظهور ثغرات في التطبيق والإلتزام في المرحلة السابقة.

ثانياً: تطرح أسئلة وأفكار عدّة حول إن كان إعادة فتح مطار بيروت الدولي قد جرى التسرّع به أم لا، وهل إغلاقه مجدّداً يفيد في مواجهة تفشّي الفيروس أم العكس، خصوصاً بعدما تبيّن أن العدد الأكبر من المصابين هم من الوافدين، وأنهم سبب رئيسي في تفشّي الفيروس بسبب عدم التزامهم بالحجر المنزلي.

ثالثاً: في ظل استفحال الأزمة الإقتصادية والمعيشية وانهيار صرف الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي، وارتفاع منسوب الركود والبطالة وإغلاق المؤسسات التجارية والسياحية أبوابها، ما أدى إلى ازمة غير مسبوقة على كل الصعد، يبدو العودة إلى تطبيق حالة التعبئة العامة محفوفاً بالمخاطر، وبعدم إلتزام المواطنين بها. إذ يبدو الجميع واقفين عند مفترق طريق، إما الإلتزام بحالة التعبئة العامة بصرامة إذا أعيد العمل بها، أو أن تشهد تراخياً لا يمنع تفشير الفيروس، بسبب رفض المواطنين وأصحاب المصالح ذلك، تحت حجة تأمين لقمة عيشهم والحرص على استمرار عمل مؤسساتهم بالحد الأدنى وتعويض بعض الخسائر الكبيرة التي أصيبوا بها سابقاً، إلى جانب استنفار وزارة الصحة وباقي الجهات الرسمية المعنية لهذا الغرض.    


مواضيع ذات صلة:

  1. إجراءات احتواء كورونا تتعثّر وتحذيرات من ″الأسوأ″ القادم… عبد الكافي الصمد

  2. إنهيار الليرة تأخّر سنتين.. والسّياسات الخاطئة تنذر بالأسوأ… عبد الكافي الصمد

  3. عالم ما بعد كورونا غير: ماذا عن لبنان؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal