يُشبّه أحد المخضرمين بالسياسة حكومة حسان دياب بـ″الرجل المريض″ الذي ″لا رجاء من شفائه لكنه باقِ على قيد الحياة بفعل أجهزة ″الأوكسجين″ بانتظار نزعها عنه عندما يحين أوان ذلك وإعلان وفاته ودفنه″، فالحكومة بنظره، ″لا تصمد اليوم بشطارتها أو بانجازاتها ولا بتقديماتها ولا بالحلول التي تقترحها، ولا بمفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي، بل هي باقية بسبب عدم توفر البديل بالدرجة الأولى، ولعدم نضوج الحل الذي من شأنه أن يؤسس لهذا البديل لتشكيل حكومة جديدة قد تكون وحدة وطنية، أو حكومة أقطاب، أو حكومة تكنوقراط حقيقية من مستقلين وإختصاصيين يقابلها تراجع تكتيكي للتيارات والأحزاب السياسية.
كل المعطيات تشير الى أنه لا توجد أية شخصية سنية مخولة لترؤس الحكومة تريد أن تخطو هذه الخطوة، أو أن تدخل في هذا المجهول، لأن تلك الشخصيات لا تريد أن تكون “نسخة طبق الأصل” عن حسان دياب الذي يقول مطلعون أنه “لحق لقب دولة الرئيس أكثر مما فكر في كيفية إيجاد الحلول للأزمات، فقبل بحكومة مسيّسة وغير مستقلة أخفقت في القيام بأي إنجاز ما أدى الى تنامي هذه الأزمات من الدولار الى الغلاء الى الكهرباء والبطالة والفقر وصولا الى حالات الانتحار حيث سجل في اليومين الماضيين أربع حالات إضافة الى أربع أو خمس جرائم قتل.
وتشير هذه المعطيات أيضا، الى أن أي شخصية تتطلع الى النجاح في رئاسة الحكومة المقبلة وتحقيق الانجازات الحقيقية وعدم الاكتفاء بالبطولات الوهمية أو التلهي بالمؤامرات التي تحاك ضدها، يجب أن تسعى الى تأمين مقومات هذا النجاح، في أكثر من مجال:
أولا: في السياسة حيث يسأل الجميع ماذا سيقدم حزب الله من تنازلات من أجل إعطاء الحكومة الدفع المطلوب نحو إنجاز الحل؟..
ثانيا: هل سيكون لدى العهد الرغبة الحقيقية للقيام بالاصلاحات التي أصبحت مطلبا دوليا وعربيا أكثر منه محليا، خصوصا أن كل ما يُحكى حتى الآن عن الاصلاح ومحاربة الفساد هو مجرد شعارات غير قابلة للتنفيذ، في حين أن ثمة مداخل أساسية للاصلاح أبرزها الكهرباء وتشكيل الهيئة الناظمة المتوقفة منذ سنوات، وصولا الى عدم تحميل الخزينة عبء إنشاء معمل سلعاتا وهو لزوم ما لا يلزم، ووقف الهدر المستوطن ببعض مشاريع السدود من بسري الى المسيلحة، وغيرها.
ثالثا: القضاء، حيث تبت بالوجه الشرعي أن القضاء مسيّس والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، كما ثبت أن ليس لدى العهد النية لتحقيق إستقلالية القضاء، خصوصا أنه عندما يرفض رئيس الجمهورية ميشال عون التوقيع على التشكيلات القضائية مراعاة لقضاة محسوبين عليه، تكون كل الأحاديث عن إستقلالية القضاء وتمكينه هو مجرد كلام للاستهلاك.
في كل الأحوال، من حظ حكومة حسان دياب، ومن حظه هو أيضا، أن آلية الحل لم تنضج حتى الآن، كما أن البديل في سدة الرئاسة الثالثة غير جاهز، في وقت يبدو أن أحدا لا يريد إعادة تجربة دياب أو أن يكون دياب آخر، حيث أن كل المطروحين لهذا المنصب يضعون شروطا لأن يكون هناك إرادة جدية وطنية وسياسية وحزبية للحل لكي لا تعاد التجربة المرة التي ما تزال مستمرة.
مواضيع ذات صلة:
-
طرابلس رهينة الفوضى.. و″ليس في كل مرة تسلم الجرة″!… غسان ريفي
-
فيلم ″أكشن″.. من بطولة حسان دياب!… غسان ريفي
-
رئاسة الحكومة في مهب التنازلات.. وميقاتي يقرع جرس الانذار!… غسان ريفي