إذا فتحنا أي مجلة أو جريدة عربية أو أجنبية ودققنا النظر جيداً في كل إعلان يحمل صورة ساعة، سنلاحظ أن جميع العقارب في جميع ماركات الساعات تستقر على العاشرة وعشر دقائق (10:10).
أجريت بحثا صغيرا لمعرفة السبب من وراء ذلك فوقعت على تفسيرين مفادهما ما يلي :
أولا: أنه في تمام الساعة العاشرة وعشر دقائق من يوم الجمعة الموافق 23 آذار عام 1924 أعلن مصطفى كمال أتاتورك إلغاء الخلافة الإسلامية في تركيا، فكان لهذا التوقيت وقع جميـل في نفوس صنّاع الساعات واعتمدوه للاعلان بفرح وسعادة عن منتوجاتهم.
ثانيا: كما يقال ان هتلر عندما ضرب جيشة ساعة Big Ben الشهيرة في لندن وقفت عند الساعة 10.10 وتذكيراً بهذه الواقعة الشهيرة جعل معظم صنّاع الساعات حول العالم ساعاتهم على هذا التوقيت.
أنـا شخصيا أتبنى تفسيرا وضعتـه من حـر خيالي، سيما وأن العبرة مـن هذه القصـة الصغيرة ان دلت على شيء، فعلى توقف الساعات والايام والتاريخ عنـد حدث معين، فتجف السمـاء من قطرات المطر عنـده وتتعطـل طواحين الهواء عن ضخّ ولو قلة قليلة من أدنى نسيم يتنفسـه العبـاد، الى أن يعـود الحال الى ما كان عليه قبـل أن يتوقف الزمن فتتسمّر عقارب الساعة في مكانها.
هي حال ساعة يد الحاكم العسكري السابق لدولــة الـ “لالا لانــد” الكائنـة على سطح القمر، عندما أعلـن الحرب على جمهوريات كل الكون في نهاية الثمانينات، فتعـرض على أثرها لهجوم شنه عليه أهـل كوكب المريخ الشقيق، وبعد معارك ضارية تم إقصاءه من قصر الرئاسة في 13 تشرين الاول 1990 ففر ليلتها عند السـاعة (العاشرة والعشر دقـائق) إلى سفارة دولة كوكب “المشتري” في عاصمة الـ “لالا لاند” وبقي هناك لفترة من الزمن حتى سمح له من بعدها بالتوجه إلى منفـــاه في “المشتري” في 28 آب 1991 .
هنـاك توقفّت ساعة يد الحاكم العسكري، عنــد الساعة 10.10 ووضــع نقطــة على السطر.
في 7 أيار سنــة 2005 عاد من منفاه في كوكب “المشتري” الذي قضى فيه 15 عامًا، وعند عودته إلى دولـة الـ “لالا لانــد” أبقى ساعة يـده متوقفــة وراح يعمل المستحيلات مبيحـا لنفســه المحظورات، كالتحالف مع أهــل كوكب المريخ الذين اقتلعته صحـونهم الطائرة عن عرشه مثلا، وأسس حـزب سياسي شعـاره يتألف من رسمة عقارب الساعة المتوقفة على العاشرة والعشر دقـائق، كـل ذلك بغيــة أن يعــود ليجلس على كرسي عرش البلاد، فيجيز حينها لعقارب ساعته استعادة برماتها المتوقفة بقـرار منه، وهذا ما حصل فعلا، اذ تم انتخابه رئيسا للبلاد من قبــل مجلس ملّة الـ “لالا لاندي” نهــار الاثنين 31 تشرين الأول 2016 .
هناك فقط أطلق الحاكم العنان لعقارب ساعة يده مجددا، فراحت تدور بشغف وشبق باذلة كل الجهد لتحصيل ما خسره سيّدها وباحثة عمّا فاته خلال الخمسة وعشرين سنة التي مرّت. راحت العقارب تجمع لـه كل ما كان ينادي به على أنه باطل وفاسد، وكأنّي بها تبرم بعكس اتجاه دوران الكواكب حول الشمس، بقيت “تغزل” وتدور لمدة ثلاث سنوات فحصّلت له ولعائلته ما استطاعت اليه سبيلا والكثير من الغنائم الحقيقية والوهمية، ملأت قافلته بكل شيء الاّ العمر.
فللعمر حقّه، تعبت ساعته بسرعـة، لحدها كان قصيرا، حاول مرار اعادة ربـط “زمبركها” دون جدوى، اذ نسي سيدهـا أنـه لم يعد شابا فشاخ، وشاخت معه ساعته التي خزلته وتوقفت قسرا فـــ “نكّست” عقـاربها نزولا مـن العاشرة وعـشر دقــائــق المنتصبة، الى الثـامنـة والعشريـن دقيقــة من مســاء 17 تشرين الاول سنـة 2019، عندما أطلق عناصر حماية وزير تربية دولة الـ “لالا لاند” الرصاص على المتظاهرين في وسط العاصمة .
ومنــذ ذاك التاريخ قـرر الحاكم المكابرة ففشل، فما كان أمامه الا الانتقام مـن الساعـة ومعها الزمــن اللذان خذلاه، فكانا سببا للحؤول دون وصول فرحته الى قرعته، فأطلـق العنان لنظام أمنيّ بوليسي، ظنـا منه بأن يستعيد السيطرة عبــره على جميع مفاصل المجتمع، فيعــود الى رسم توجهات المجتمع الدينية والسياسية والاقتصادية علـى مقاسه، فتعاود عقارب ساعته الى الدوران، ناسيا أن الخالق عــز وجـل وحـده يحي العظــام وهي رميم، حيث قال تعالى: “وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ..
قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ..
الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ”..