خاص ـ سفير الشمال
عندما يتصل المواطنون الطرابلسيون بشركة كهرباء قاديشا، للسؤال عن سبب التقنين القاسي في التيار الكهربائي، يأتي الجواب سريعا: هذه أوامر من بيروت!..
وعندما يحاول المتصل الاستفسار عن ماهية هذه الأوامر، يفاجئ بإقفال الخط..
يغضب أبناء طرابلس والميناء والبداوي على هذا الظلم اللاحق بهم، فيخرجون الى الشوارع ويقطعون الطرقات ويطالبون بتغذية عادلة من التيار الكهربائي، فيطوقهم الجيش والأجهزة الأمنية الذين يفتحون الطريق بالقوة، من دون أن يخلو الأمر من توقيفات بين المحتجين الذين يطالبون بأبسط حقوقهم.
هذا الواقع يطرح سلسلة تساؤلات، هل من يريد معاقبة طرابلس على موقفها السياسي؟، وهل من يسعى الى إستهداف المدينة بأعمال الشغب وبتعميم الظلام الناتج عن تقنين غير مسبوق يصل الى نحو 20 ساعة في بعض المناطق الشعبية؟، ولماذا لا ينسحب هذا التقنين على بعض الأقضية الشمالية والمناطق اللبنانية؟، ومن يريد أن يجعل من طرابلس مكسر عصا في التغذية الكهربائية؟، ومن يقنع أبناء المدينة بأن ما يعانوه على صعيد التيار لا علاقة له باستهداف سياسي أومناطقي أو طائفي أو مذهبي؟..
طفح الكيل في طرابلس جراء ما يحصل، خصوصا أن ما يزيد الطين بلة هو التقنين الموازي الذي تفرضه شركات بيع الكهرباء (الاشتراكات) التي خفضت من تغذيتها ساعتين في كل فترة، وزادت من التعرفة المالية، الأمر الذي أعاد كثير من المواطنين الى إستخدام الشمع في حال لم تكن منازلهم مجهزة بالانارة عبر البطاريات.
لا أحد من المعنيين يقدم رواية أو أسبابا أو مبررات حقيقية أو مقنعة حيال الانقطاع الكهربائي القاسي والعشوائي والمستمر في طرابلس وجوارها، حيث يشير البعض الى أن المناطق التي يشملها التقنين هي التي فيها نسب الجباية ضعيفة، وكأن وزارة الطاقة وشركة كهرباء لبنان تعاقب أبناء هذه المناطق لعدم قدرتهم على دفع الفواتير في ظل جنون الدولار والكورونا التي فرضت مزيدا من البطالة والفقر، كما يطرح ذلك سؤالا محوريا لجهة: ما ذنب المواطنين الذين يدفعون فواتير الكهرباء لكي يشملهم هذا العقاب، خصوصا أن المعاناة بلغت أوجها جراء ما يحصل؟.
في حين يقول البعض الأخر أن التقنين سببه عدم توفر الكميات اللازمة من الفيول للمعامل بعد قضية الفيول المغشوش فضلا عن عدم توفر المازوت، وأن المحطات التي تغذي مناطق طرابلسية والمرتبطة بكهرباء لبنان يطلب منها إعتماد هذا التقنين القاسي، أما المحطات المرتبطة بكهرباء قاديشا أو بمعمل دير عمار فإن التقنين فيها ما يزال على حاله 6 ساعات تغذية و6 قطع.
وإذا كان الأمر يتعلق بالفيول أو بالمازوت، فلماذا لا يشمل هذا التقنين كل المناطق اللبنانية؟، ولماذا لا يطبق إلا على طرابلس ومدن الفيحاء فقط؟، ولماذا لا تنصف شركة كهرباء لبنان المدينة ببرنامج عادل على غرار المناطق الأخرى؟، وهل يجب على طرابلس أن تتحمل تداعيات أزمات الفيول أو المازوت فيما تنعم مناطق لبنان بالتيار الكهربائي؟..
لا حجة لأي جهة وزارية كانت أو إدارية في إعتماد هذا التقنين القاسي في طرابلس، إلا إذا كان البعض يريد تصفية الحسابات مع المدينة والانتقام منها، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر، خصوصا أن طرابلس هي العاصمة الثانية ومن حقها أن تتغذى بالتيار الكهربائي كما تتغذى المدن الرئيسية، وإلا فإن ما حصل إحتجاجا على الوضع المعيشي سيتكرر إحتجاجا على الظلم الكهربائي، وعندها ليتحمل من يعنيهم الأمر المسؤولية، لأن غضب الطرابلسيين بلغ ذروته وقد ينفجر في أي لحظة.