كل أربع سنوات وفور انتهاء الألعاب الأولمبية تحدد اللجنة الأولمبية الدولية موعد إنتخابات الإتحادات الرياضية في كل البلدان حول العالم.
ينشغل المرشحون في كل الاتحادات بتحضير برامجهم الإنتخابية التي غالباً ما تكون من مئات لا بل من آلاف الصفحات، فيسارعون الى تعيين إستشاريين أخصائيين لوضع برامج تطوير للألعاب بهدف نيل ميداليات أولمبية، زيادة عدد اللاعبين المحترفين محلياً، جذب المعلنين والإعلانات وصقل المواهب، فيما يعمل الناخبون على دراسة هذه المشاريع والتصويت على اساسها…
هذا حول العالم.. أما في لبنان فينكب الطامحون لتبوء مراكز المسؤولية في الإتحادات الرياضية على زيارة مسؤولي الرياضة في الأحزاب والتيارات السياسية التقليدية المهيمنة على انتخابات الاتحادات الرياضية بهدف نيل الإعجاب ومحاولة أخذ البركة.
هنا يكثر الكلام، تُنسى البرامج، وتبدأ الجلسات.
هنا خلف الأبواب المغلقة، في السر وتحت الطاولات المستطيلة، تسقط الرياضة وتظهر مفرداتها اللبنانية ويبدأ الحديث عن معايير إنتخاباتها الطائفية والسياسية والإستراتجية:
المعيار الأول لتبوء موقع الرئاسة هو الطائفة! نعم كل لعبة رياضية في لبنان محسوبة على طائفة ولديها هويتها وعرفها الطائفي! فالاتحاد المسيحي هو فقط للرئيس المسيحي والإتحاد المسلم هو للمرشح المسلم. في الإتحادات “الألعاب المسيحية” يجب أن تكون اللائحة مؤلفة من أغلبية مرشحين “مسيحيين”، و يحدد عدد “المسلمين” بعدد معين (كوتا)، أما في إتحادات المسلمين فالعكس صحيح!.
الألعاب المسيحية هي: كرة السلة، الكرة الطائرة، التنس، التيكواندو، الجودو، شيش مبارزة، السباحة، التزلج على الماء، الرماية، التزلج على الثلج، الرقص، الجمباز، العاب القوى، كاراتيه، الفروسية، الدراجات، كرة الطاولة، الايكيدو، اليخوت، السكواش، الجوجيتسو، القوس والنشاب.
الألعاب المسلمة: كرة القدم، الكيك بوكيينغ، المصارعة، الشطرنج، البوكس، البادمنتون، الميني فوتبول، كرة اليد وال مم أي، رفع أثقال، بلياردو، الركبي ليغ، الركبي يونيون، الملاكمة، الغولف، كرة اليد، قوة رمي، المواي تاي، سلاح المبارزة، التجذيف.
أما الشرط الاستراتيجي الثاني فهو: على الشخص الذي يطمح بترؤس إتحاد رياضي في معظم الألعاب أن يكون رجل أعمال، متمول وثري! وذلك بحجة التعويض عن الدعم المالي القليل الذي تدعم به وزارة الشباب والرياضة الاتحادات الرياضية. بدلا من البحث عن فريق عمل لديه برنامج عمل تطويري يتضمنه خلق سبل تمويل صحية ومستدامة.
حسب التركيبة الحاصلة وباختصار الخبرة في المجال الرياضي ليس مهم بتاتا، وقد حصل ذلك سابقاً أن دخل أحدهم (رجل أعمال متمول) تلك الغرف بهدف ترؤس إتحاد “السباحة” فخرج رئيساً لإتحاد آخر !
الآن ومع اقتراب موعد إنتخابات الإتحادات الرياضية التي من المفترض أن تحصل في أشهر 10 و11 من هذا العام. ومع إمتداد الرياضة على جميع المناطق اللبنانية وجميع فئات وشرائح المجتمع وبالأخص الشباب منهم، فمن البديهي أن نسأل:
هل ستنعكس الخلافات السياسية على التحالفات الحاصلة رياضيا؟ فنشهد معركة سياسية قاسية على الساحة الرياضية.
هل سيتحالف الأخصام السياسيون على الساحة الرياضية (كما تجري العادة)؟ وينتج عن ذلك فوز معظم اللوائح في مختلف الألعاب بالتزكية.
مع ظهور الكثير من الوجوه الرياضية في ساحات الثورة أين سيكون موقعهم؟ أين سيصطف المجتمع المدني، الثوار، والأحزاب المعارضة؟ وهل سيسعون لتحقيق خرق في انتخابات الاتحادات الرياضة وإيصال أشخاص من ذوي الكفاءة والاختصاص على غرار إنتخابات نقابة المحامين؟ وهل ستنجو الرياضة من التقسيمات والأعراف الطائفية؟.
الكاتب: إبراهيم بو شاهين
رئيس نادي الكورة
لاعب تنس مصنف دولي
حائز على العديد من البطولات اللبنانية والدولية