في زمن كورونا تغيرت أمور كثيرة، اولويات اصبحت ثانويات، وأعمال لم يتوقع مواطنون أنهم سيقومون بها برعوا في ممارستها كهواية وكتدبير في زمن الازمات المتتالية على هذا البلد المأزوم اصلاً بادارته الفاسدة التي اوصلته الى ما هو عليه.
إعلامية تحولت الى مزارعة، ودكتور الى حلاق رجالي ومزارع، ومهندس الى طاه وغيرها من المهمات التي كان القيام بها في السابق حكراً على اربابها، أما اليوم فالحاجة تبيح التعدي على مهن الاخرين برأي الدكتور رالف الذي عمد الى قص شعر عمه في زمن الحجر كي لا يعرضه الى الاحتكاك من خارج العائلة، الطبيب رالف يزرع ايضا، فهو الى جانب اهتمامه بمرضاه يهتم بمزروعاته يدللها ويتكل عليها ليس للتجارة بل للقمة نظيفة بعيداً عن المواد السامة التي تستعمل من قبل البعض لمزيد من الانتاج.
حسناء الصحافية اختارت الزراعة في زمن الحجر تقوم بعملها الاعلامي ملتزمة الاجراءات والتدابير الوقائية وتتفرغ بعد الظهر لبستانها الذي البسته شتى انواع الخضار فيما حولت شبابيك منزلها الصيفي الى حدائق معلقة بالخضار بعد ان كانت تعلق عليها الزهور، متقنة فن الزراعة كفن صناعتها للخبر الاعلامي، تقول “في هذه المرحلة علينا التحايل على الازمات والصمود”، وتؤكد أنها بالاساس مع زراعة الاشجار المثمرة بدل اشجار الزينة لذا اختارت أن تزين شرفتها بالخضار وشجر الخوخ والدراق والتفاح والكرز في زمن كورونا والشح المالي.
وسيم مهندس معماري تراجع عمله كثيراً ومع الحجر والالتزام بالبقاء في المنازل شبك يده بيد زوجته واختار المطبخ ملاذاً له، يطهو لأولاده ما لذ وطاب ويحضر لهم الجبنة واللبنة الطازجة، كما يقوم بتربية عدد من الدجاجات في فناء المنزل من اجل الحصول على بيض بلدي، يؤكد أنه وجد في ذلك تمضية وقت ومنفعة ومتعة، مشيراً الى أنه حتى بعد انتهاء الحجر والتعبئة العامة سيجد وقتاً لدجاجاته ولتحضير الطعام لأطفاله.
ماري اختارت العودة الى صاجها تطعم اولادها من خبزها ومناقيشها وفطائرها، تقول انها تصنع الشنكليش والجبنة في منزلها وانها حولت حديقة صغيرة خلف المنزل الى بستان فيه شتول الزعتر والزوبع والبندورة والبقلة والخيار لصنع السلطة التي تكلفتها اليوم تكلفة قوت عائلة في الماضي القريب.
في الزمن العادي لكل مهنته ومصدر رزقه، أما في زمن الافلاس والكورونا والبطالة المتفشية فقد اصبح المواطن متعدد المهن توفيراً ومنعاً للاحتكاك، فرب البيت بات سنكريا ومعلم كهرباء ويقوم بكافة التصليحات التي يحتاجها المنزل بعد أن كان إتكاله سابقاً على أرباب هذه المهن… ولكن كيف يعتاش هؤلاء وهل تحولوا بدورهم الى مهن اخرى لتدبير امور حياتهم؟.
حابل الفقر اختلط بنابل الخوف من الفيروس ما ادى الى زعزعة اسس ونظام يومياتنا فهل يا ترى نعود يوماً ما الى حياتنا الطبيعة أم أنها غادرت الى غير رجعة؟.