أصدر الوزراء والنواب الأرثوذكس، الحاليون والسابقون، وبعد اجتماعهم في مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس، برئاسة المتروبوليت الياس عوده البيان الآتي:
“في ظل الأزمات غير المسبوقة، يحتاج لبنان إلى التضامن ومشاركة كل أبنائه الفعالة من دون شعور أي منهم بالغبن أو التهميش أو الاقصاء، لكنه وفي مناسبات عدة، وعلى مدى السنين شهدنا ممارسات ومحاولات من شأنها أن تنتقص من احترام حقوق الجميع، أفرادا وجماعات، في المشاركة الوطنية على الصعد كافة.
وأصاب هذا الانتقاص بصورة خاصة الروم الأرثوذكس، الذين طالما وقفوا الى جانب خيار الدولة المدنية القائمة على أساس المواطنة الحقيقية التي لا تقيم أي تمييز بين اللبنانيين.
ولعل الإجحاف الذي يتعرضون له اليوم يبدو بمثابة الثمن الذي يراد لهم أن يدفعوه بسبب انفتاحهم.
ولقد وصلت الأمور الى حدود إقصاء المواطنين الأرثوذكس عن القيام بدورهم الفاعل في الحياة العامة عن طريق حرمانهم من بعض المواقع في الإدارة اللبنانية التي كثيرا ما كانوا يخدمون الدولة من خلالها بكل جدارة.
ومن أجل تبرير الاقصاء هذا، استخدمت ذريعة المداورة تارة وشعار تجاوز الطائفية طورا والاستبدال حينا.
ان (طائفة اللاطائفيين)، وهو التعبير الذي أطلق تاريخيا على الأرثوذكس والذي يصف خياراتهم المعروفة، تجد نفسها، وللأسف الشديد، مضطرة إلى التصدي للظلم الذي يطالها. وهي بذلك لا تدافع عن حقوق أبنائها فحسب، بل وعن المساواة والمبادىء التأسيسية التي قام عليها لبنان.
لذلك تنادينا، وزراء ونوابا حاليين وسابقين وفعاليات اقتصادية، الى الاجتماع في مطرانية بيروت للروم الأرثوذكس وإلى حين قيام الدولة المدنية، لنؤكد تمسكنا بما يعود الى الأرثوذكس من مناصب في الدولة، طالما استمر العمل بالتوزيع المتوازن لهذه المناصب بين أبناء الطوائف والمذاهب كافة، وعملا بأحكام الدستور.
ويقتضي هذا التوازن، على سبيل المثال، ان يخصص للأرثوذكس واحد من المناصب الأربعة الأولى في الأسلاك القضائية والعسكرية والأمنية والإدارية والمالية.
وان غياب ذلك اليوم يولد لدى الأرثوذكس شعورا بالاستضعاف والحرمان.
بطبيعة الحال، لسنا في موقف الاعتراض على قيام السلطات الدستورية المختصة بممارسة حقها في التعيين والاستبدال والنقل في الوظائف العامة… ولكننا لا نرضى بالغبن اللاحق بالأرثوذكس، فيما نشدد على المساواة وعدم الانتقائية وتأمين استمرارية العمل من دون إحداث شغور في المراكز، ونطالب باعتماد آليات شفافة في التعيينات تعتمد الكفاية والخبرة والنزاهة والسيرة الحسنة.
وفي هذا السياق نعلن استياءنا من الإجحاف بحقوق الأرثوذكس الذي جرى في عدد كبير من التعيينات منذ زمن وعلى فتراتٍ طويلة ونطالب بتصحيحه.
ونطالب بالتعويض عنه بتعيين أرثوذكسيين من ذوي الكفاية في مناصب عدة من الفئة نفسها. وينطبق ذلك على المواقع الأخرى التي كان يشغلها موظفون أرثوذكس ومن ثم أسندت إلى طوائف أخرى.
كما ونطالب بإقرار مراسيم الترفيع الى الفئة الثانية في الإدارات العامة لجميع مستحقيه وملء وظائف الفئة الأولى الشاغرة وإنصاف الجميع.
وإننا نؤكد، فضلا عن ذلك، رفضنا استبدال موظفين أرثوذكس كبار، دون سواهم من دون أسباب وجيهة.
إن المرجعيات الأرثوذكسية الروحية والسياسية ولاسيما مطرانية بيروت لطالما لعبت دورا كبيرا في السهر على حسن تمثيل المواطنين الأرثوذكس لما فيه المصلحة العليا للبنان ولصيغته التعددية وفق ما نص عليه الدستور.
وإننا نناشدهم الثبات على هذا الدور ونؤكد ان الأرثوذكس في لبنان سيبقون على انفتاحهم المعروف وقناعاتهم ولكن بنفس الوقت لن يقبلوا بأن يُصار إلى تهميش دورهم ودور مرجعياتهم التاريخية”.