هل وصلت رسالة طرابلس الى الحكومة؟… غسان ريفي

لليوم الخامس على التوالي تتحرك طرابلس غضبا على الأوضاع المعيشية وإرتفاع سعر الدولار وإنعكاسه على المواد الغذائية التي بلغت أسعارا غير مسبوقة، في وقت تتفتق فيه “عبقريات” البعض، حول أجندة سياسية ينفذها أبناء المدينة ويقبضون ثمنها لاستهداف الحكومة التي يبدو أن أنواع الماكياج التي إستخدمتها حتى الآن لم تفلح في تجميل صورتها.

بالأمس، وسّع الطرابلسيون من بيكار تحركاتهم، ووجهوا رسالة شديدة اللهجة الى الحكومة ووزرائها المعنيين الذين يصمون آذانهم عن سماع أنين اللبنانيين المجردين من كل مقومات الصمود والمطلوب منهم الموت جوعا في منازلهم وتحمل أعباء الفقر والعوز أمام عائلاتهم.

أكثرية القطاعات تحركت في الفيحاء أمس، فالتجار خرجوا الى الشارع إحتجاجا على تهميش مصالحهم باجبارهم على الاقفال من دون إيجاد أية حلول لهم، لا مع المالكين الذين يطالبون بالايجارات، ولا من جهة الدولار الذي أوقعهم تحت عجز كبير بفعل الديون المتراكمة عليهم، ولا من جهة المساعدات التي لم تشملهم كونهم من غير المصنفين من ضمن العائلات الأشد فقرا، في حين يؤكد كثيرون منهم أن عاصفة كورونا وإستلشاق الحكومة في التعاطي مع مواطنيها جعل الجميع فقراء لا بل تحت خط الفقر.

كما خرج كل من أصحاب البسطات والعاملين في سوق الأحد والسواقين والحلاقين وأصحاب المصالح والمهن ليصرخوا بأن طفح الكيل بعد خمسين يوما من التعطيل القسري من دون أية بادرة حكومية تجاههم، مطالبين المعنيين بالسماح لهم بالعمل لساعات محددة ليتمكنوا من تأمين أبسط مقومات عيشهم على أبواب شهر رمضان المبارك الذي يتطلب مصروفا مضاعفا.

في ساحة النور حيث اللقاء اليومي، تجمع المواطنون عصرا وعبروا عن وجعهم برفع أرغفة الخبز، وإستخدام مكبرات الصوت والنوبات الصوفية علّ ذلك يحرك ساكنا لدى المسؤولين المعنيين الذين يتطلعون الى تقليد الدول المتطورة في الوقاية والحماية، لكنهم يتناسون ما تقوم به من تقديمات مالية وعينية إسبوعية أو شهرية، لكي لا تضع أبناءها أمام خيارين أحلاهما مرّ إما الجوع أو المرض.

كثيرة هي التساؤلات التي طرحها المحتجون على إختلاف إنتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الحزبية، لجهة: ماذا فعلت الحكومة لمواجهة الارتفاع الجنوني للدولار؟ ولماذا هذا الصمت القاتل المريب؟، وهل يكفي تهديد وزير الاقتصاد بأن مخالفة القوانين خط أحمر في حين أن أسعار المواد الغذائية تأخذ في الارتفاع وتتخطى المئة بالمئة؟، وماذا عن أسعار الخضار التي يتضاعف إستهلاكها في شهر رمضان؟، وماذا عن المساعدات المالية الموعودة منذ 25 يوما؟، وهل سيبقى المواطنون ينتقلون من مختار الى بلدية الى دائرة شؤون لتسجيل أسمائهم؟، وهل سيحصل المستفيدون على هذه المساعدة قريبا أو بعد عمر طويل؟، ثم ماذا عن تخفيف إجراءات التعبئة العامة؟، والى متى سيتم إجبار اللبنانيين على إلتزام منازلهم من دون القيام بأية مبادرة إغاثية تجاههم؟..

يمكن القول إن تحركات طرابلس كان لها دلالات كثيرة تشير الى أن برميل البارود الاجتماعي قد إمتلأ ولا يحتاج سوى الى إشعال الفتيل لكي ينفجر في كل لبنان، فهل تكون الشرارة من طرابلس؟.

بالأمس، إستشعر الرئيس نجيب ميقاتي الخطر وإستبق التحركات والاحتجاجات وكان على تماس مباشر مع أبناء طرابلس، فأجرى إتصالا مع وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي وطلب منه “تخفيف الاجراءات، وأن يوفق بين مقتضيات التعبئة العامة والاعتبارات الصحية وضرورة فتح الاسواق مع مطلع شهر رمضان المبارك، لمواجهة الازمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها الناس”.

فهل يستجيب وزير الداخلية ومن ورائه الحكومة بما يساهم في تبريد أرضية طرابلس، أم تُترك الشرارة تتسلل الى برميل البارود؟..


مواضيع ذات صلة:

  1. كل شيء في لبنان بات يستدعي ثورة!… غسان ريفي

  2. هل يعلم رئيس الحكومة أن الدولار تجاوز عتبة الثلاثة آلاف ليرة؟!… غسان ريفي

  3. كفى إساءة الى طرابلس!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal