من الطبيعي أن تفكر الحكومة اللبنانية في كيفية إغاثة العائلات الأكثر فقرا، وتلك التي أفقدها الحجر المنزلي وقرارات التعبئة العامة قوت يومها، وذلك بتخصيص مساعدة مالية قدرها 400 ألف ليرة لبنانية لكل عائلة سيصار الى توزيعها في كل المناطق من خلال الجيش اللبناني.
لا يختلف إثنان على أن المساعدة المالية في هذه الظروف الضاغطة، إما أن تكون عاجلة وفورية أو أنها تصبح “لزوم ما لا يلزم”، فالحكومة إتخذت قرارها يوم الثلاثاء، لكنها لم تبلغه رسميا الى قيادة الجيش التي أعلنت أمس عبر مصدر عسكري أن “آلية التوزيع ستتبلور خلال الساعات المقبلة، والى حين بلورتها حكوميا تبقى المؤسسة العسكرية بانتظار تبليغها رسميا بهذا الشأن”.
هذا الواقع يطرح أسئلة قد لا تنتهي لجهة: متى ستوزع هذه المساعدات المالية؟، وكم سيستغرق وضع الجداول التي سيتم التوزيع على أساسها؟، ومن هي العائلات الأكثر فقرا؟، ومن سيتولى عملية التصنيف بين عائلات محتاجة أو فقيرة أو أكثرا فقرا أو تحت خط الفقر؟، وهل تملك الحكومة داتا بأسمائها لصرف المبالغ لها بشكل فوري؟، وهل بادرت وزارة الشؤون الاجتماعية الى إجراء عملية إحصاء للفقراء على مساحة الوطن؟، أم أن الـ 400 ألف ليرة ستخصص الى العائلات التي سبق وسجلت أسماءها في برامج الوزارة المتعلقة بمعالجة الفقر؟، وهل يعلم المعنيون أن سجلات هذه البرامج تحكمت فيها المحسوبيات ما جعلها تستثني الكثير من العائلات المعدمة لمصلحة بعض العائلات المحظية؟.
لا شك في أن أكثرية المتعففين قد تخرج من المولد بلا حمص، الأمر الذي قد يؤدي الى مزيد من الغليان الشعبي أو ربما الى فتنة، خصوصا إذا كان التوزيع إستنسابيا.
كل ذلك يضع الحكومة أمام مسؤولية كبرى في إيصال المساعدات المالية الى من يستحقها، لكن في الوقت نفسه، ثمة عائلات متوسطة الحال أصبحت فقيرة بعدما فقدت مداخيلها أو باتت تحصل على نصف راتب، وهي قد تواجه صعوبات ومعاناة وعجز أكثر بكثير من العائلات الأكثر فقرا، لارتباطها باستحقاقات شهرية على صعيد إيجار المنزل أو تسديد قرض للبنك وغير ذلك.
هذا الأمر يفرض مزيدا من الأسئلة أبرزها: هل فكرت الحكومة بهذه الشريحة من اللبنانيين؟، وهل فكرت في كيفية تسديد أصحاب المصالح لايجارات محلاتهم التجارية التي أقفلتها قرارات التعبئة العامة؟، وهل فكرت بمالكي تلك المحلات الذين يعيشون من إيراداتها لتسديد متوجبات مصرفية أو حياتيه في حال حرموا منها، وماذا عن سائقي التاكسي المحجورين في منازلهم والمعرضين لمحاضر الضبط في حال كسرهم حظر التجول؟، وكيف يمكن لهؤلاء أن يسددوا أقساط سياراتهم أو إيجارات اللوحات العمومية؟.
في خلاصة القول، ثمة حلقات معيشية وحياتية مترابطة لا تنفصل عن بعضها البعض، من المفترض أن تدرك الحكومة خطورتها وأن تعمل على المعالجة بدءا من مساعدة العائلات الأكثر فقرا، مرورا بالفئات التي يخيم عليها شبح الفقر، وصولا الى تجميد كل المدفوعات من إيجارات وسندات وقروض مصرفية الى حين الانتهاء من جائحة كورونا، فاللبنانيون يواجهون عجزا ماليا غير مسبوق من المفترض أن تأخذه الحكومة بعين الاعتبار في حال كانت جدية في إيجاد المعالجات، وإذا كانت تريد من مواطنيها أن يلتزموا بقراراتها.
مواضيع ذات صلة:
-
فرنجية يخوض معركة التعيينات بالنيابة عن كل المسيحيين!… غسان ريفي
-
من يحاول إلباس طرابلس قناعا جديدا ليس لها؟… غسان ريفي
-
هل ترك جهاد الصمد اللقاء التشاوري؟… غسان ريفي