مع بداية إنتفاضة 17 تشرين الأول، أطل الرئيس نجيب ميقاتي عبر وسائل الاعلام بإقتراح متكامل لحل الأزمة التي أرخت بثقلها على البلاد، تقضي باستقالة الحكومة، وتشكيل حكومة من المستقلين تعمل على ثلاثة بنود هي: إقرار موازنة 2020، وإعداد قانون إنتخابي عادل يؤمن التمثيل التصحيح، وإجراء إنتخابات نيابية مبكرة تعيد تكوين السلطة من جديد.
لا شك في أن طرح ميقاتي تماهى الى أبعد الحدود مع مطالب الانتفاضة الشعبية التي دعت الى إسقاط الطبقة السياسية، وأعطى السلطة الحاكمة “الوصفة السحرية” التي لن يستطيع أي كان الاعتراض عليها، لكن المعنيين في هذه السلطة آثروا الالتفاف على مطالب المحتجين الذين إستوطنوا الشارع، والتي لم ينفذ منها سوى إستقالة الحكومة التي أراد الرئيس سعد الحريري من خلالها التخلص من شراكة جبران باسيل، فوجد في الانتفاضة فرصة سانحة لقلب الطاولة وتشكيل حكومة على قياسه ومن دون باسيل، لكن رياح قوى 8 آذار جرت بعكس ما إشتهت السفن الحريرية.
لم تبق الانتفاضة قائمة حبا بالبقاء في الشارع وخصوصا في ظل العواصف وتحت الأمطار، وإنما لأن السلطة السياسية عاشت حالة إنكار وما تزال للواقع السياسي والشعبي الجديد الذي فرضته الانتفاضة، فالرئيس حسان دياب وُلد من الرحم السياسي، وشكل حكومة سياسيين غير مستقلين، وسارع الى تبني موازنة أسقط اللبنانيون الحكومة التي أعدتها، وها هو اليوم يضع اللمسات الأخيرة على البيان الوزاري الذي تشير المعلومات الى أنه لا يلبي أدنى طموحات الانتفاضة التي تطالب بحلول جذرية للأزمتين المالية والاقتصادية، وبالابتعاد عن الاجراءات المؤلمة، وباسقاط السلطة وهذا أمر لا يمكن أن يحصل إلا بانتخابات نيابية مبكرة تنتج مجلس نواب جديد حاصل على الوكالة الشرعية من أكثرية الشعب اللبناني ويفرز حكومة إنقاذ حقيقية، قادرة على إتخاذ كل الاجراءات للخروج من الأزمات.
ما تسرب عن البيان الوزاري حتى الآن، يشير وبحسب المعلومات الى أن المسودة التي وضعت تضمنت بندا تتعهد فيه الحكومة باجراء إنتخابات نيابية مبكرة، وذلك بهدف إرضاء الشارع، إلا أن هذا البند واجه معارضة حقيقية من وزراء الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) والتيار الوطني الحر الذين يعتبرون أن الانتخابات النيابية الأخيرة عكست تمثيلا أفضل لكل الشرائح اللبنانية من التمثيل الذي أفرزته القوانين السابقة.
وبحسب المعلومات فإن الرئيس حسان دياب رضخ لرغبة الأكثرية في حكومته، وإستبدل بند الانتخابات النيابية المبكرة، ببند آخر تتعهد فيه الحكومة بالعمل على تطوير قانون الانتخابات من دون أي ذكر للانتخابات المبكرة، في حين تدعو مصادر مواكبة للجنة إعداد البيان الوزاري الى عدم الاستعجال في الحكم على البيان الوزاري الذي من المفترض أن يقره مجلس الوزراء غدا.
هذا الواقع من شأنه أن يؤجج الانتفاضة الشعبية التي ستجد أن بقاءها في الشارع منذ 17 تشرين الأول وكل ما قدمته من شهداء وجرحى وموقوفين وتضحيات، لم يدفع السلطة السياسية التي تغيير نهجها أو تلبية مطلب واحد من مطالب الانتفاضة التي يؤكد ناشطون فيها الى أن مصير حكومة دياب سيكون نفس مصير حكومة الحريري، خصوصا أن ما نشهده اليوم على كل صعيد لا يبشر بالخير، مؤكدين أن القاسم المشترك بين كل الشوارع المنتفضة هو إنتخابات نيابية مبكرة، فإما أن تسارع الحكومة الى إجرائها، أو أن البركان الشعبي الذي يختزنه الشارع سينفجر في وجه الجميع.
مواضيع ذات صلة:
-
هل ينجح ″الحراك″ في تعطيل جلسة الثقة؟… غسان ريفي
-
ماذا يحصل في تيار المستقبل؟… غسان ريفي
-
هل وجه الحريري رسالة الى جعجع من خلال جلسة الموازنة؟… غسان ريفي