الحراك يُربك مجلس النواب.. تهريب للموازنة ودياب الحلقة الأضعف!… غسان ريفي

على جروح 30 شخصا من المحتجين على ″تهريب″ الموازنة، إنعقد مجلس النواب خلف جدران عزل وأسلاك شائكة وترسانة أمنية عملت كل ما بوسعها لتأمين وصول النواب الى ″مسرحيتهم الجديدة″ التي لم يوفق مخرجها هذه المرة في إقناع اللبنانيين بها لا من حيث الشكل ولا من حيث المضمون.

جلسة الموازنة وما تضمنته، أظهرت وبعد أكثر من مئة يوم على الحراك الشعبي الغاضب، أننا نعيش في ″بلد كل مين إيدو إلو″، وأن سلطته لم تستفق حتى الآن، وما تزال تعيش حالة إنكار لحركة الشارع الذي ترد عليه بتبديل الطراببيش التي لم تعد تُقنع ولم تعد تنفع.

ما حصل يوم أمس كان عبارة عن فوضى شعبية قابلتها فوضى دستورية، فجلسة الموازنة برأي الاغلبية حتى ممن حضروها شكلت مخالفة للدستور، لجهة تحويل موازنة أقرتها حكومة مستقيلة، الى مجلس النواب ليناقشها أمام حكومة غير موجودة إلا عبر رئيسها ولم تنل الثقة،  حيث لا يمكن مناقشة وزراءها أو مساءلتهم أو الاستفسار منهم، ما دفع بكتلة المستقبل النيابية التي ساهمت في تأمين النصاب للجلسة الى إحراج الرئيس حسان دياب وإلزامه إعلان تبنيه لموازنة لم يضعها ولم يكن له رأي فيها، لكنه سيتحمل وزرها بعد إقرارها، ليتبين حجم التخبط والارباك الذي يخيم على السلطة السياسية برمتها.

هذا التخبط ظهر جليا في الجلسة النيابية السريعة التي يمكن تسجيل سلسلة ملاحظات عليها، أبرزها:

أولا: غياب التنسيق بين رئيس الحكومة حسان دياب ووزير المال غازي وزني، ففي الوقت الذي أعلن فيه دياب بضغط من المستقبل تبنيه للموازنة، كان الوزير وزني سبقه وأعلن أن الموازنة هي أمر واقع وأن الحكومة الجديدة لا تتبناها.

ثانيا: التخبط الواضح لدى كتلة المستقبل النيابية التي ناقضت نفسها في أمور ثلاثة، لجهة تأمين نصاب الجلسة، وإعتراضها على دستوريتها عبر النائب سمير الجسر، ثم رفضها التصويت على الموازنة التي وضعتها حكومة الرئيس سعد الحريري، كما ظهر أن ثمة إنقسام في الكتلة في ظل رفض بعض أعضائها حضور الجلسة.

ثالثا: تخبط في تكتل لبنان القوي الذي إنتقد بطريقة غير مباشرة حكومة الحريري ثم صوّت إيجابا على الموازنة التي أقرتها.

رابعا: ظهور رئيس الحكومة حسان دياب بأنه الحلقة الأضعف من دون وزرائه، وتعرضه للضغط من كتلة المستقبل، إضافة الى مصادرة دوره من قبل الرئيس نبيه بري الذي تحدث عنه مؤكدا أنه يتبنى الموازنة، ما دفع النائب بهية الحريري الى إنتقاده بقولها: كمان بدو حدا يحكي عنو.

خامسا: الاختلاف الواضح في اللقاء التشاوري حيث قاطع النائبان فيصل كرامي وجهاد الصمد الجلسة لعدم دستوريتها، في حين يذهب الصمد بعيدا في معارضة دياب وحكومته ويغرد خارج سرب اللقاء وصولا الى عدم منحه الثقة.

سادسا: إقرار الموازنة على شكل تهريب وإختصار الوقت من يومين الى نصف يوم، والكلمات من 23 كلمة الى 6 كلمات فقط وذلك بسبب حالة الغضب الشعبي التي كانت تلف محيط المجلس النيابي.

يمكن القول إن مشهدين سيطرا على جلسة مجلس النواب أمس، الأول داخلي تمثل باستفراد حسان دياب الذي بدا مطواعا جدا وقابلا للاستدراج، ما أعطى إنطباعا سلبيا حول قدرته على مواجهة التيارات السياسية والحفاظ على صلاحيات الرئاسة الثالثة التي إعتبر كثيرون أنها تعرضت للاعتداء، والثاني خارجي تمثل بالحراك الشعبي الذي فرض نفسه على مجلس النواب ودفع رئيسه الى إتخاذ تدابير صارمة لانهاء الجلسة في ساعات قليلة خوفا منه، ما يؤكد أن الحراك قد حقق إنتصارا جديدا على السلطة.


مواضيع ذات صلة:

  1. بعد ثلاث سنوات من العهد.. الحريري يخرج ″من المولد بلا حمص″!… غسان ريفي

  2. هل سقط جبران باسيل بالضربة القاضية؟… غسان ريفي

  3. الى الرئيس سعد الحريري: يا ليتك كنت حذرا من ″رفاق السوء″!.. غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal