الطائفة السنّية والأعمدة الأربعة: نهاية إحتكار أم مرحلة جديدة؟… عبد الكافي الصمد

منذ استقالة الرئيس سعد الحريري في 29 تشرين الأول الماضي، كشفت أحداث الأربعين يوماً اللاحقة تطوّرات مستجدّة على السّاحة السنّية، بما يتعلق برئاسة الحكومة تحديداً، عن معادلات لم تكن موجودة في السابق، وأن هذه التطوّرات رسمت خريطة طريق أمام أي طامح للوصول إلى السراي الحكومي الكبير ودخول نادي رؤساء الحكومات.

هذه التطوّرات، التي ظهرت أولى ملامحها بعد الإنتخابات النيابية التي جرت صيف 2018، كشفت أن ″الطاولة″ السنّية لم تعد ترتكز على عمود رئيسي واحد يشكل رافعتها الأساسية على الساحة اللبنانية، وحوله تتمحور القوى والتيّارات السياسية والشخصيات السنّية الأخرى، إنما باتت لهذه ″الطاولة″ ـ ″الساحة″ ركائز وأعمدة أخرى، وأن سقوط أو تصدّع أحد هذه الأعمدة ـ الركائز من شأنه أن يعرّض الطاولة للإهتزاز وصولاً إلى السقوط.

أول هذه الأعمدة وأبرزها حضوراً في الشّارع السنّي هو الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل الذي يرأسه، وبرغم تراجع قوة التيّار الأزرق في شارعه شعبياً، فإن أي مرشح سنّي للوصول إلى رئاسة الحكومة من خارج الخيمة الزرقاء لن يفلح في مسعاه، وهو ما ظهر بكل وضوح في الأربعين يوماً الماضية، إذ بعد استقالة الحريري وإعلانه عدم نيّته العودة للمنصب مجدّداً، سعى من ارتفعت بورصة أسهمه في خلافته، من النائب السابق محمد الصفدي والنائب السابق بهيج طبارة والمهندس سمير الخطيب، إلى خطب ودّ الحريري والحصول على موافقته كشرط مسبق، وإلا الإعتذار.

ثاني هذه الأعمدة هم رؤساء الحكومات السابقين، الذين شكلوا نادياً سياسياً ذو ثقل على الساحة السنية، مكون من الرؤساء نجيب ميقاتي (الذي قاد حملة واسعة بمواجهة العهد دفاعاً عن مقام وصلاحيات رئاسة الحكومة، منطلقاً من قاعدة شعبية واسعة جعلته يحلّ أولاً بين المرشحين السنّة في لبنان في انتخابات 2018، ودفع ثمن مواقفه هذه إستهدافا سياسيا وفبركة ملفات قضائية)، وفؤاد السنيورة وتمام سلام، وهم إذا كانوا يتقاطعون في موافقهم مع الرئيس الحريري أحياناً، فإن لهم مواقف مغايرة عن مواقفه، وهم لا يشكلون إحتياطاً سياسياً له، بعدما طلب المرشحون للرئاسة الثالة من الحريري الحصول مسبقاً على نيل تأييد رؤساء الحكومات السابقين لهم، وهو ما رفضوه.

وليس خافياً أن بروز رؤساء الحكومة السابقين كقوة لها حضور معنوي وسياسي على الساحة السنّية والوطنية، يعود بالدرجة الأولى إلى ضعف الحريري، لأنه عندما كان في عزّ قوته بعد اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام 2005، فإنه كان المرجعية السّياسية الوحيدة التي احتكرت تمثيل الطائفة السنّية طيلة نحو عقد من الزمن، وخلال هذه الفترة لم يكن رؤساء الحكومات السابقين لهم أي حضور أو دور كالذي لهم اليوم.

ثالث هذه الأعمدة هو دار الفتوى؛ فدائماً شكّلت هذه الدار، كائناً من كان على رأسها مظلة دينية وطائفية لمن يجلس على كرسي رئاسة الوزراء، لكنها في العقود الثلاثة الأخيرة وقفت إلى جانب تيار المستقبل وأصبحت تابعة له، سواء كان على رأس الحكومة أم خارجها، وهو ما جعلها موضع إنتقاد، وأضعف مرجعية دينية إستقوى بها تيار سياسي على تيارات وقوى سياسية سنّية أخرى إنتقدت دار الفتوى وعلى رأسها مفتي الجمهورية، الذي بدل أن يكون على مسافة واحدة من جميع أبناء الطائفة، وأن يكون مرجعيتهم الدينية، تحوّل إلى “طرف” سياسي، وهو ما ظهر أمس الأول خلال استقبال المفتي عبد اللطيف دريان المرشح للرئاسة الثالثة سمير الخطيب، عندما تجاوز دريان كلّ الأصول الدستورية، ومعلناً عن إجماع ـ ليس متوافراً ـ في الطائفة السنّية لعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة مجدّدا، ليقف ليس في مواجهة خصوم الحريري ضمن طائفته، بل في مواجهة الحراك الشعبي الذي يرفض عودة رموز الطبقة السياسية بأكملها إلى السلطة مجدّداً، والحريري أحد هؤلاء.

رابع هذه الأعمدة هم النوّاب السّنة الآخرين خارج تيار المستقبل، وعلى رأسهم نواب اللقاء التشاوري (عبد الرحيم مراد، جهاد الصمد، فيصل كرامي، عدنان طرابلس، الوليد سكرية وقاسم هاشم) والنائبين فؤاد مخزومي وأسامة سعد، وهؤلاء أثبتوا خلال الفترة التي أعقبت إنتخابات 2018 أن لهم حضوراً سياسياً بارزاً في الشارع السنّي لا يمكن شطبه من المعادلة، ويشكلون القوة السياسية المعارضة داخل الشارع السنّي، وهي معارضة برغم أنه غاب حضورها منذ أكثر من عقد ونصف من الزمن، لظروف مختلفة، إلا أنها في غضون أقل من سنتين أثبتت أنها صوت وازن وتحسب له حسابات كثيرة.


فيديوهات قد تعجبك:

  1. بالفيديو: يعقوبيان تطرح إسم إمرأة لرئاسة الحكومة… البلد واقع بمصيبة

  2. بالفيديو: حادث مرعب

  3. بالفيديو والصور: تظاهرة شعبية تجوب شوارع طرابلس

  4. بالفيديو: ديما صادق غاضبة: هذا تحريض رسمي على القتل

  5. بالفيديو: سيدة تتعرض للسرقة أمام احد الأفران


    لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. إرباك في الشارع والسوق المالية: تراجع الدولار إنفراجٌ أم فخّ؟… عبد الكافي الصمد

  2. الحراك الشّعبي مطالبٌ بمراجعة نقدية قبل فوات الأوان… عبد الكافي الصمد

  3. ملاحظات على مسيرة الحراك الشّعبي.. قبل فوات الأوان… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal