لم يسبق للدستور اللبناني أن شهد هذا الكم من الخروقات، وذلك من خلال البدع والأعراف التي تسعى بعض التيارات السياسية الى أن تحل بالممارسة مكان النصوص، بما يحقق مصالحها وينتزع الصلاحيات من رئيس الحكومة لحساب رئيس الجمهورية.
كما لم يسبق للشعب اللبناني بالرغم من كل معاناته مع السلطة السياسية، أن واجه لامبالاة من هذا النوع من قبل المسؤولين المعنيين بتفاصيل حياته اليومية.
يشير الدستور اللبناني الى أنه عندما يقدم رئيس الحكومة إستقالته، يدعو رئيس الجمهورية الى إستشارات نيابية ملزمة بالتشاور مع رئيس المجلس النيابي، لتسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، وهذه التسمية مناطة بالنواب الذين يختارون من يرونه مناسبا لكل مرحلة بطريقة هي أشبه بالانتخاب، ولدى تسمية الرئيس المكلف يباشر بمشاورات غير ملزمة مع الكتل السياسية والنيابية لوضع تصور لحكومته شكلا ومضمونا.
اللافت أن كل ما يجري اليوم يخالف الدستور ويضرب بنوده بعرض الحائط، فرئيس الجمهورية يقبض على الاستشارات النيابية الملزمة ويرفض تحديد موعد لها بالرغم من مرور أكثر من شهر على إستقالة الرئيس سعد الحريري، كما يعهد الى مشاورات التأليف الى صهره جبران باسيل الذي يصادر مع رئيس الجمهورية صلاحيات الرئيس المكلف، وهو أي باسيل كان سبق وصادر صلاحيات كل المؤسسات الدستورية مع طرح تسمية الوزير السابق محمد الصفدي لرئاسة الحكومة، وذلك عندما أعلن عن موعد الاستشارات التي يُناط تحديد مواعيدها برئيس الجمهورية، وعن تسمية الصفدي ليلغي بذلك دور النواب، وعن تشكيل حكومة تكنوسياسية ليصادر بذلك دور الصفدي فيما لو تمت تسميته، خصوصا أن باسيل كان يريد الاستفادة من تسمية الصفدي المقرب منه لوضع يده على رئاستي الجمهورية والحكومة، وهذا ما تنبه له الشارع الذي سارع الى الاطاحة بالصفدي.
كما أن ما يحصل على صعيد قيام بعض الشخصيات بمشاورات تمهيدا لتسميتهم لرئاسة الحكومة وكان آخرهم المهندس سمير الخطيب الذي إلتقى الحريري قبل يومين، ثم إجتمع مع باسيل يوم أمس على أن يلتقي الثنائي الشيعي اليوم للبحث في شكل الحكومة وأسماء الوزراء، هو أيضا إنتهاك صريح وواضح للدستور، حيث يتم وضع العربة قبل الحصان.
فما معنى حصول الاستشارات النيابية الملزمة طالما أن المرشح للرئاسة بدأ يجري مشاوراته حتى قبل تسميته؟، وهل سيكون النواب في هذه الاستشارات مجرد شهود زور؟، وما معنى مشاروات الرئيس المكلف مع الكتل السياسية طالما أن الاتفاق على شكل ومضمون الحكومة بات ناجزا؟، ولماذا بات لزاما على أي مرشح لرئاسة الحكومة أن يأخذ بركة الرئيس الحريري أو دار الفتوى؟، فهل هو رئيس مجلس ملّي؟ أم رئيس حكومة لكل لبنان؟، وهل تأتي تسميته من طائفته، أم من النواب الذين يمثلون الأمة اللبنانية بمختلف مكوناتها وتلاوينها؟.
ثم أين الكتل السياسية والنيابية من هذا الخرق الفاضح والمستمر للدستور؟، وأي مصير ينتظر الدستور وإتفاق الطائف في حال إستمر الوضع على ما هو عليه؟، وهل يكون الدستور ضحية الصراع السياسي الذي تأزم مع إنطلاق الثورة؟..
من جهة ثانية، فإن ما يواجهه الشعب اللبناني من أزمات متلاحقة، يؤكد أن السلطة السياسية تعيش في كوكب آخر، وهي باتت من دون حول ولا قوة لتقديم المعالجات أو أنها تتواطئ على شعبها في كلا الحالتين من المفترض أن ترحل بشكل فوري، فالدولار على عتبة الـ 2500 ليرة، والمستشفيات من دون معدات ومستلزمات طبية، وأموال المواطنين أسيرة صناديق المصارف، والمواد الغذائية والاستهلاكية والمحروقات غير متوفرة، ومطالب الناس في آخر إهتمامات السلطة التي تصم آذانها، لكنها تفتح عيونها جيدا على كيفية تجديد نفسها من خلال الحكومة المقبلة التي تسعى بعدما خرجت منها من الباب أن تعود إليها من الشباك.
فيديوهات قد تعجبك:
-
بالفيديو والصور: من ″السبينس″ الى ″تاتش″.. هذا هو المشهد في طرابلس
-
بالفيديو: صاحب محطة يشتم عناصر أمن الدولة ومراقبي الإقتصاد
-
بالفيديو.. سيدة تصرخ أمام ألية لقوى الأمن: إدعسني خليني موت وإخلص من هالبلد
-
بالفيديو: أطفال مرضى السرطان ″عندي أمل إشفى″ مع ناصيف زيتون
لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.
لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.
مواضيع ذات صلة:
-
إجتماع بعبدا المالي خيّب الآمال.. الحلول تحتاج الى حكومة!… غسان ريفي
-
ميقاتي يعطي درسا في إحترام القضاء… غسان ريفي
-
عمليات حرق الأسماء مستمرة.. الحريري يلعب ″صولد″؟… غسان ريفي