بعد مرور 37 يوماً على انطلاق شرارة الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول الماضي، يبدو مطلوباً بشدّة إجراء مراجعة نقدية له، وعلى كلّ الصعد، من أجل تقييم التطورات والأحداث الذي رافقته، خشية فرصة نادرة قد لا تتكرر مستقبلاً من أجل محاربة الفساد ومحاسبة طبقة سياسية إستباحت البلد، وإرساء دولة القانون والعدالة الإجتماعية.
فالحراك حقّق أكثر من نقطة إيجابية صبّت لمصلحته، ورفعت منسوب الأمل في تحقيق المزيد منها، خصوصاً بعد استقالة الحكومة، ورفض فرض أي ضرائب على المواطنين، مقابل البدء في فتح ملفات الفساد، والتقشف لمواجهة الأزمة الإقتصادية الخانقة، وفرض الشفافية في تنفيذ المشاريع، وسط طموحات كبيرة لتحقيق المزيد.
لكن هذه الطموحات تصطدم بعوائق وعراقيل كثيرة، منها وقع فيها الحراك في الأيام الماضية، وأخرى يُرجّح أن تعترضه مستقبلاً، من أبرزها:
أولاً: تسلل إلى الحراك من حيث يدري أو لا يدري قوى وتيارات وأحزاب سياسية متعددة، ركبت موجته واستغلته من أجل تنفيذ إجنداتها الخاصة على حساب أهداف الحراك الفعلية التي ترتبط إرتباطاً وثيقاً بأوجاع الناس ومشاكلهم الحقيقية، وحرفت بوصلته عن وجهته الفعلية، وهو استغلال لم يعد خافياً على أحد، ما يفرض إجراء مراجعة فعلية للحراك من أجل منع أي طرف سياسي من استغلاله، ما يفرض بالمقام الأول تعيين قيادة فعلية لهذا الحراك، وإلا فإن فرصة الإنقاذ ووضع حدّ للتسيّب والإنهيار مهدّدة بالضياع.
ثانياً: رافق الحراك منذ اليوم الأول لانطلاقه شلل واسع أصاب مختلف المرافق الإقتصادية في البلاد، من الاسواق التي أصابها شلل واسع، والمؤسسات التجارية التي لحقت بها خسائر كبيرة جدّاً، إضطرت معها إما إلى الإقفال وتسريح الموظفين والعمال، ما فاقم أزمة البطالة والأزمة المعيشية الخانقة، بالتزامن مع تراجع دراماتيكي مريب وخطير لليرة اللبنانية، وارتفاع مقلق لأسعار السلع الأساسية، وتوقف الدراسة في الجامعات والمدارس، ما أفقد الحراك دعماً شعبياً كان يمكن أن يمدّه بكلّ أشكال الدعم، لكنه خسره تباعاً، إلى أن بدأت فئات شعبية واجتماعية عديدة تشكو من تبعات الحراك وآثاره السلبية، بسبب غياب مقومات إستمراره وصموده، وتدعو إلى إعادة ترتيبه وحتى توقيفه.
ثالثاً: طالب كثيرون بأن يضع الحراك إستراتيجية واضحة لتحرّكه، أبرزها إستبدال الإحتجاج في الشارع وتعطيل دورة الحياة العامة، بأن يختار يوماً معيناً في الأسبوع، الجمعة أو السبت، كما هو حاصل في الجزائر أو المغرب، حيث الحراك الإحتجاجي هناك لم يخفت برغم مرور أشهراً على انطلاقه، لكن يبدو أن غياب رؤية واضحة حول مستقبل الحراك ما تزال غائبة عن القائمين عليه، على اختلاف مشاربهم وتنوّع إنتماءاتهم، التي ربما هي المعرقل الأساسي لوضع هكذا رؤية.
رابعاً: بدا الحراك متناقضاً مع مطالبه التي نادى بها منذ البداية، فبعدما طالب بإسقاط الطبقة السياسية والحكومة بكل فئاتها، رافعاً شعار “كلن يعني كلن”، عاد وتراجع عن ذلك بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، مطالباً بتشكيل حكومة تكنوقراط برئاسة الحريري، علماً أن الحريري واحداً من أبرز رموز الطبقة السياسية التي نادى الحراك بإسقاطها، كما أن الحراك لم يجب على أسئلة حول كيف يمكن لحكومة تكنوقراط مواجهة التحديات السياسية والإقتصادية والمالية والأمنية الهامة، ومعالجة مشاكل النازحين السوريين والإعتداءات الإسرائيلية والتنقيب عن النفط، في بلد مُسيّس من رأسه حتى قدميه، وفي منطقة تشهد غلياناً وتواجه دولها أزمات سياسية وإقتصادية وأمنية وإجتماعية بالغة التعقيد.
فيديوهات قد تعجبك:
-
بالفيديو: مايا دياب تثير الاستياء.. هذا ما قالته عن السيد حسن نصرالله
-
بالفيديو: موقف طريف لمراسلة على الهواء مباشرة
-
بالفيديو: سقوط قذيفة قرب مجمع تابع لـ حزب الله
-
بالفيديو: راهبة تهتف ثورة ثورة
لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.
لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.
مواضيع ذات صلة:
-
ملاحظات على مسيرة الحراك الشّعبي.. قبل فوات الأوان… عبد الكافي الصمد
-
ثورة ″الواتس أب″: التّياران الأزرق والبرتقالي أكبر الخاسرين… عبد الكافي الصمد
-
دعم العملة الوطنية بين لبنان والخارج: مقارنة مؤلمة… عبد الكافي الصمد