تدخل ثورة اللبنانيين ضد السلطة السياسية يومها الـ 12، في ظل طرقات مقفلة تقطّع أوصال الوطن وتؤدي الى شلل كامل في كل المؤسسات الرسمية والخاصة، وساحات وشوارع لا تخلو على مدار ساعات النهار من الغاضبين المطالبين باسقاط العهد ورحيل الحكومة وإجراء إنتخابات نيابية مبكرة.
الشلل الذي يطال مؤسسات الدولة، ينعكس أيضا جمودا في حركة السلطة السياسية التي لم ترتق حتى الآن في سلوكها وتعاطيها ومعالجاتها الى مستوى الحدث الشعبي غير المسبوق في لبنان، وهي إما أنها لم تصحُ من الصفعة التي تعرضت لها، أو أنها تعاني من حالة إرباك يجعلها غير قادرة على إتخاذ أي قرار سريع لانقاذ البلد وإخلاء الشوارع، أو أنها تعتمد سياسة النفس الطويل على أمل أن يمل المحتجون ويقوموا تباعا باخلاء الساحات، وهو أمر لا يبدو أنه سيتحقق، خصوصا أن هذه الثورة تتأجج يوما بعد يوم، ويشتد عودها عند كل إستهداف، وتمتد أفقيا لتطال شرائح جديدة من المجتمع اللبناني تصيبها عدوى الحرية والخروج من العباءات السياسية والطائفية والمذهبية.
أمام هذا الواقع، يبدو واضحا أن السلطة تعيش حالة إنفصام في الشخصية، فهي تؤيد مطالب الشعب الغاضب المنقلب عليها، لكنها لا تلبي شيئا منها، وتدعو الى الحوار مع المحتجين الداعين الى إسقاطها، وتتمسك بمناصبها وكراسيها، تؤكد أنها مع حرية التعبير، وترسل مندسين لتشويه هذا الحراك، تدعو الجيش والقوى الأمنية الى حماية المتظاهرين، ثم تكلفهم بفتح الطرقات بالقوة، وتدعو الى بقاء الجيش على الحياد ثم تزجه في مواجهات مع أهله..
كل ذلك يجعل السلطة في حالة من التخبط الذي يُضعفها ويزعزعها يوما بعد يوم، ويغلق أبواب الحلول أمامها، كونها ما تزال تسعى الى إيجاد حل من دون أن تتكبد أي ثمن سياسي، وهذا أمر بات مستحيلا، خصوصا أن ما بعد إنطلاق الثورة ليس كما قبلها، وأن هذه السلطة لا يمكن لها أن تبقى على حالها وأن تحكم مجددا.
ربما يدرك الرئيس الحريري هذه المسألة تماما، لكنه لم يستطع حتى الآن إقناع شركائه في التسوية الذين يرفضون أي طرح يمكن أن يبعدهم عن السلطة التنفيذية ولو مرحليا لتمرير هذه الأزمة، وخصوصا رئيس الجمهورية ميشال عون وأركان التيار الوطني الحر الذين تشير المعلومات الى أنهم يرفضون تشكيل أي حكومة من دون الوزير جبران باسيل الذي يُعتبر مُلهم ساحات وشوارع الاحتجاج التي تصب جام غضبها وإنتقاداتها وشتائمها عليه وتدعو على مدار الساعة الى رحيله ومحاسبته.
لذلك فإن خيارات الحريري بدأت تضيق، خصوصا أن الاستمرار في هذه الحكومة بات في حكم المستحيل، كما سقط خيار التعديل الوزاري حفاظا على ماء وجه بعض الوزراء الذين يرفضون مع تياراتهم السياسية إقالتهم وإستبدالهم تحت ضغط الشارع، الأمر الذي يضع الحريري أمام خيار تشكيل حكومة إنقاذية مصغرة تضم إختصاصيين لكنه ما يزال يواجه معضلة إستبعاد جبران باسيل الذي يصر على العودة الى وزارة الطاقة.
لا شك في أن الساعات المقبلة ستكون حاسمة، فإما أن ينجح الحريري في إقناع من يعنيهم الأمر في إستبعاد باسيل، أو أن يرضخ لاصرار الأخير بالدخول الى الحكومة ما يمكن أن يعيد تأجيج الشارع، أو أن يقدم إستقالته وهو أمر مستبعد لأنه بذلك يواجه خطر الانتهاء سياسيا.
تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الوضع يزداد تأزما مع تجديد عصب الثورة مطلع كل إسبوع بالدعوة الى الاضراب العام وإقفال الطرقات والنزول الى الشوارع والساحات، ما يضع لبنان ككل أمام مفترق طرق فإما الى الانقاذ أو الى الانهيار والفوضى، وفي كلا الحالتين، فإن السلطة السياسية ستحصد ما ستزرعه..
فيديو:
-
بالفيديو: عنصر بالجيش يعتدي على امرأة
-
بالفيديو: شابة تبكي مارسيل غانم واللبنانيين
-
بالفيديو: إشكال بين بيار رفول ومتظاهرين.. والشرطة الاسترالية تتدخل
-
بالفيديو والصور: الأمطار تنعش الثوار في طرابلس
لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.
لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.
مواضيع ذات صلة:
-
البداوي تحمي الثورة.. وتُحبط مخطط السلطة!… غسان ريفي
-
الثورة تتمدد.. والسلطة تعيش حالة إنكار… غسان ريفي
-
ميقاتي يُلاقي ثورة اللبنانيين ويهاجم العهد.. إرفعوا أيديكم عن القضاء والجيش.. غسان ريفي