مرت عشرة أيام على انتفاضة الشعب اللبناني، الذي قطع أشغاله، وألغى جميع التزاماته، واتخذ من الشوارع منصة لايصال أوجاعه، همومه هواجسه، وأهدافه، فنزل بالآلاف من دون ملل ولا كلل وفي مختلف المناطق اللبنانية رغم ما تحمله وقفة الشارع من تعب ومشقة، للمطالبة بأقل حقوقه، والعيش بكرامة، والأهم من ذلك مطالبته باسقاط السلطة الحاكمة واستبدالها بحكومة مصغرة نواتها اختصاصيين، ومنهم من يطالب باسقاط الجميع بقولهم “كلن يعني كلن”.
يبدو أن الشعب اللبناني مصر على النزول الى الشارع لحين تحقيق جميع مطالبه، رافضاً كل خطابات الزعماء، ومعارضاً أي حل يأتي من قبلهم غير الإستقالة، خصوصاً ورقة الإصلاح الإقتصادية التي أصدرت في غضون 72 ساعة، والتي يمكن القول أنها دخلت التاريخ كونها تعارض كل مقرارات الحكومات السابقة، والتي في المقابل لم تزد الشعب سوى غضبا على غضب، كما وزادته رغبة بالنزول الى شارع، معتبراً أنها ورقة “مورفين” لتخديره وحثه على العودة الى حياته الروتينية ليس الا، رافعاً يافطات “لا ثقة” بوجه السلطة.
أما خطاب رئيس الجمهورية الممنتج، فكان بمثابة ضربة موجعة للشعب اللبناني، حيث شكل خيبة أمل كبيرة لهم، وكان بعيداً كل البعد عن هواجسهم وأوجاعهم، ودارت حوله الكثير من التساؤلات، ولاقى احتجاجات كثيرة من اللبنانيين الذين كانوا ينتظرون خطاب “بي الكل” لاجتراح الحلول لهم، كونه المؤتمن على كرامتهم وحقوقهم، ولكن الحقيقة جءت عكس تطلعاتهم وتوقعاتهم، وكانت صادمة ومخيبة.
في المقابل، ورغم دخول الثورة يومها العاشر، وتعطيل البلد، وتسكير الطرقات، والإضرابات التي تطال جميع المؤسسات، واغلاق البنوك، وتعرض البلد لخسائر مادية كبيرة، ورغم متطلبات الشعب الواضحة، والتي أصبحت معروفة أولها اسقاط العهد والحكومة، واستبدال هذه الطبقة الحاكمة بأشخاص ذوي اختصاص وكفاءة، لادارة دفة السفينة، وايصال لبنان الى بر الأمان، ما زال أصحاب السلطة في واد آخر، ويتمسكون بمناصبهم، رافضين إنقاذ السفينة التي تتجه نحو الغرق.
فلمن ستكون الغلبة؟ هل سيتمكن الشعب من الصمود أكثر في الشارع؟ وهل سيرضخ أصحاب السلطة لمطالب الشعب؟ أم سيحاولون بشتى الطرق، مستخدمين كل ما لديهم من محاولات للبقاء فوق كراسيهم؟ أم سيكون هناك سيناريو تكسير الرؤوس الذي قد يؤدي بلبنان الى دوامة يدفع ثمنها الجميع من شعب وسلطة؟