دخلت ثورة اللبنانيين يومها العاشر، وما تزال السلطة الحاكمة تعيش حالة إنكار لما يدور حولها ويكاد يحاصرها، وترفض بالتالي أن تلاقي مطالب المحتجين، بل تعتمد سياسة النفس الطويل لاطفاء الحراك من خلال التشديد على فتح كل الطرقات، ومحاصرة المعتصمين في الساحات الى أن يملوا ويخرجوا من الشارع.
يبدو واضحا أن اللبنانيين المحتجين يصرخون في واد سحيق، بينما السلطة تعيش في واد آخر ولا يصلها صدى الصوت، ما يجعلها بعيدة كل البعد عن مقاربة الحلول التي ترضي المتظاهرين، الأمر الذي يضع البلاد أمام أزمة طويلة قد يكون لها إنعكاسات خطيرة على المستويين الأمني والاقتصادي، وهذا ما تخوف منه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته أمس، حيث شكك بعفوية الحراك، وأوحى بأن هناك مسؤولين عنه وممولين له، وأن ما يحصل ربما يدخل في إطار المؤامرة على لبنان.
كان من المفترض أن يشكل كلام نصرالله حافزا للسلطة الحاكمة للاسراع في تلبية مطالب المحتجين أو على الأقل إرضائهم بتنفيذ بعض المطالب درءا للمخاطر، لكن يبدو أن إطلالة “السيد” أعطت تلك السلطة جرعة معنوية، خصوصا أنه رفض سقوط العهد وإسقاط الحكومة وإجراء إنتخابات مبكرة، ما جعل السلطة تشعر بالأمان وتراهن على عامل الوقت في معالجة غضب الشارع.
منذ إنطلاق ثورة تشرين، ظهر جليا أن السلطة غير قادرة على أن تكون على مستوى طموحات المحتجين الذين إستوطنوا الشوارع والساحات، وأنها غير جادة في تلبية مطالبهم، حيث قدمت معالجات تقليدية، فسارعت الى إلغاء فكرة وضع رسوم على تطبيق “الواتساب”، وأقرت ورقة الاصلاحات التي لم تترافق مع سلسلة إجتماعات كان من المفترض أن تعقد على مدار الساعة لوضع آليات التنفيذ وتحويل ما أمكن من قوانين الى مجلس النواب لاقرارها.
على الصعيد الحكومي، يبدو أن الرئيس سعد الحريري ليس في وارد الاستقالة، بل هو يسعى الى تعديل حكومي طفيف، حيث تشير المعطيات الى أن إستقالة الحريري قد تشكل إستفزازا كبيرا للتيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل، وقد تطيح به سياسيا بعدم تكليفه مجددا، لذلك فإن الحل الوحيد لديه هو التعديل الحكومي، ولكن حتى هذا الخيار دونه صعوبات في ظل المعلومات التي تؤكد أن رئيس الجمهورية رفض أن يطال أي تعديل الوزير جبران باسيل، وأن الأخير أبلغ الحريري صراحة بأننا “إما أن نبقى سويا أو نخرج من الحكومة سويا”، وتقول المعلومات أن رئيس الجمهورية يرفض أن يطال التعديل أي وزير من التيار الوطني الحر، وهو طلب من الحريري أن يشمل التعديل أربعة وزراء مسلمين بدلا من وزراء القوات المسيحيين الذين قدموا إستقالاتهم، ما يجعل أي تعديل من هذا النوع لزوم ما لا يلزم للشارع المنتفض على العهد والحكومة.
وعلى صعيد الفساد، فإن السلطة أخفقت في إقناع المواطنين بأنها جادة في محاربته، حيث دخلت الى هذا الملف الشائك من حيث الشكل فقط بإعادة إثارة قضية القروض السكنية لـ”مجموعة ميقاتي”، وهي قضية لا تتعلق بالاثراء غير المشروع، ولا يوجد فيها شبهة فساد، خصوصا أن الأشخاص المعنيين ليسوا موظفين في الدولة أو مسؤولين فيها، وأن ما حصلوا عليه هي قروض تجارية من مصرف خاص ولا علاقة لها بالاسكان.
وما حصل يؤكد أن السلطة أرادت من خلال تحريك هذا الملف بواسطة القاضية غادة عون ضرب عصفورين بحجر واحد، الأول إستهداف الرئيس نجيب ميقاتي سياسيا والعمل على تشويه صورته بسبب مواقفه وتقديمه حلا متكاملا للأزمة الراهنة بتشكيل حكومة إختصاصيين من دون جبران باسيل، والثاني ذر الرماد في عيون اللبنانيين وإيهامهم بأن مسيرة محاربة الفساد قد بدأت، في حين أن ملفات الفساد تتكدس في الأدراج وتعود الى محسوبين على تيارات سياسية من الكهرباء وبواخرها، والنفايات ومحارقها، والأبنية وإيجاراتها، والتعهدات والاستثمارات والمشاريع والسدود، والسرقات والسمسرات والعمولات وغيرها كثير.
على صعيد الانتخابات، فإن السلطة لا تنوي إجراء إنتخابات نيابية مبكرة بحسب مطالب الشارع، وهي ما تزال قاصرة عن تقديم قانون إنتخابي على قدر طموحات اللبنانيين.
هذا الواقع يؤكد الى أن السلطة تتهرب من مسؤولياتها تجاه شعبها الغاضب، وأن لبنان مقبل على معركة عض أصابع بين أركان السلطة وبين أركان الثورة على أن يُترك للوقت تحديد الخاسر.
فيديو:
-
بالفيديو: عنصر بالجيش يعتدي على امرأة
-
بالفيديو: شابة تبكي مارسيل غانم واللبنانيين
-
بالفيديو: إشكال بين بيار رفول ومتظاهرين.. والشرطة الاسترالية تتدخل
-
بالفيديو والصور: الأمطار تنعش الثوار في طرابلس
لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.
لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.
مواضيع ذات صلة:
-
ميقاتي يُلاقي ثورة اللبنانيين ويهاجم العهد.. إرفعوا أيديكم عن القضاء والجيش.. غسان ريفي
-
لبنان الى الساحات اليوم.. في مشهد وطني قد يدخل التاريخ… غسان ريفي
-
الدولة تدرس إمكانية إلغائه.. من يُنقذ معرض رشيد كرامي الدولي؟… غسان ريفي