نقلت وسائل إعلام أمس خبراً مفاده أن روسيا وتركيا وقعا إتفاقاً لاعتماد عملتي البلدين، ″الروبل″ و″الليرة″ في المدفوعات والتسويات بينهما، أي أن البلدين تخليا عن العملة الأميركية في التجارة بينهما، وأن الإتفاق يسعى لربط البنوك والشركات التركية بالنسخة الروسية من نظام ″سويفت” للمدفوعات، وتعزيز البنية التحتية في تركيا، بما سيسمح باستخدام بطاقات ″مير″ الروسية، التي صممتها روسيا كبديل لبطاقات ″ماستر كارد″ و″فيزا″.
وأضافت المعلومات أن البلدين شرعا في السنتين الأخيرتين على تقليص إعتمادهما على الدولار، وتقليص نصيب العملة الأميركية في إحتياطاتهما الدولية، وقاما بزيادة حصّة الذهب وعملتي ″اليوان″ و″اليورو″ على حساب الدولار.
هذا التطور الإقتصادي البالغ الأهمية الذي يحصل في المنطقة والعالم، وهو ليس الأول من نوعه، ويهدف إلى تحقيق سيادتها الوطنية واستقلالها الإقتصادي، وإلى تخفيف قيود العملة الأميركية على اقتصادات بقية دول العالم وجعلها رهينة لها، يقابله في لبنان تطورات معاكسة، تكشف رهن السلطة والطبقة السياسية الحاكمة هذا البلد للخارج، مالياً وإقتصادياً، ولو على حساب الإقتصاد الوطني والمواطنين.
من النماذج التي تدلّ على عدم تقديم مصلحة الوطن العليا على أي مصالح خاصة أخرى، أن وزارة الإتصالات رفضت تسعير الخدمات التي تقدمها شركتا الهاتف الخليوي “ألفا” و”تاتش” بالعملة اللبنانية وهي الليرة، مثل جباية الفواتير وتسعير بطاقات التعبئة، وهو ما كانت طلبته وزارة الإقتصاد منذ فترة، وقد تجاوبت شركتا الخليوي معه لكن لم يتم التجاوب من قبل وزارة الإتصالات، ما أثار تساؤلات حول أسباب رفض وزارة الإتصالات ذلك، وكيف يمكن دعم الإقتصاد الوطني والعملة اللبنانية بهذه الطريقة؟.
ومن النماذج أيضاً أن بعض الجامعات الخاصة والعريقة في لبنان قد ألزمت طلابها بدفع أقساطهم بالدولار وليس الليرة، في قرار لم تكلف الدولة في لبنان عناء إجبار هذه الجامعات على الإلتزام بقبض أقساط طلابهم بالليرة اللبنانية، بل كل ما فعلته هو تمنّي وزارة التربية على هذه الجامعات التراجع عن قرارها!.
وفي الأيام الأخيرة برز نموذج آخر يدلّ على هشاشة الإنتماء الوطني لدى جهات وقطاعات إقتصادية أخرى، في رفضهم التعامل بالليرة اللبنانية، وهو قطاع المشتقات النفطية، بعدما لم تقبل الشركات المستوردة للمشتقات النفطية قبض مستحقاتهم من محطات المحروقات بالليرة اللبنانية، وتمسكهم بأن يقبضوا هذه المستحقات بالدولار، ما جعل المحطات تقف أمام أزمة معقدة، فالدولار بات في الآونة الأخيرة عملة نادرة في السوق، كما أن سعره يفوق السعر الرسمي، ما جعل محطات الوقود تقف أمام أزمة مزدوجة: عدم قدرتها على تأمين الدولار من جهة، ومن جهة ثانية تعرضها لخسائر نتيجة فروقات سعر الليرة اللبنانية مقابل الدولار بين سعره في السوق وسعره المحدد رسمياً من قبل مصرف لبنان.
هذا غيض من فيض ما يشهده الوضعين النقدي والإقتصادي في لبنان في الأشهر الأخيرة من تقلبات وأزمات، جعل البلد يقف على حافة الإنهيار ومهدد بالإفلاس، وبرغم ذلك، وبدلاً من أن تقوم الحكومة، ومعها الطبقة السياسية والإقتصادية، باتخاذ إجراءات وقائية سريعة لإيقاف الإنهيار ومعالجة المشاكل، إذا بها تتعامل مع مشاكل البلد وكأنها لا تعنيها، تاركة إيّاه يغرق رويداً رويداً، من غير أن تتعلم شيئاً من تجارب الآخرين في المنطقة والعالم لحماية البلد واقتصاده وناسه.
فيديو:
-
بالفيديو: محاكاة.. ضرب كفرفالوس بالكيماوي
-
بالفيديو: حزب الله يخترق شاشات التلفاز في البنتاغون
-
بالفيديو: قوى الامن تحذر من ظاهرة تطال الهواتف
-
بالفيديو: الظهور الأخير للفنان طلعت زكريا
لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.
مواضيع ذات صلة:
-
حاكم مصرف لبنان والأزمة المالية والنقدية: ″شاهد ما شفش حاجة″… عبد الكافي الصمد
-
أول غيث الإعتراض الشعبي على النّفايات: رميها وسط الطرقات… عبد الكافي الصمد
-
التفّاح اللبناني في يومه: فولكلور بلا خطّة… عبد الكافي الصمد