أثار موضوع إستحداث مكب للنفايات في بلدة المجدل في عكار، بلبلة بين أهالي منطقة الدريب الأوسط والناشطين الذين سارعوا الى كيل الشتائم والاتهامات للمسؤوليين والسياسيين، في حين ذهب البعض الآخر للتحدث عن صفقات مشبوهة، وتطرق البعض الآخر الى أن الدولة قامت بانشاء جسر في المجدل وافتتاحه قبل أسابيع للتغطية على موضوع نقل النفايات، وانشاء المكب.
كثرة التحليلات دفعت البعض الى محاولة فهم ما يجري، خصوصا بعد اتهام المجلس البلدي في المجدل، واتحاد بلديات الدريب الأوسط بالوقوف خلف إستحداث المطمر في تلك البلدة النائية. فماذا يجري؟ وما صحة المعلومات التي أشارت الى إمكانية طمر النفايات في إحدى الكسارات الموجودة في البلدة؟ ولماذا الخلاف بين اتحاد الدريب الأوسط وشركة الأمانة العربية التي من المفترض أنها تعمل على جمع وطمر النفايات في مكب سرار التابع لها؟.
لم يعد خافيا على أحد أن محافظة عكار تعاني منذ أشهر من أزمة المكبات العشوائية التي تنتشر بشكل مرعب في مختلف ارجاء المحافظة ساحلا وجردا، وذلك تزامنا مع أزمة النفايات التي يشهدها الشمال، والتي أدت الى تنشيط تهريب “الزبالة” الى عكار، وسط غياب تام للقوى الأمنية التي تم مطالبتها مرارا بمراقبة الشاحنات التي تدخل ليلا الى المحافظة، وليبقى بذلك قرار وزيرة الداخلية ريا الحسن وضع نقطة تفتيش في منطقة البارد مجرد كلام لم يجد سبيله الى التطبيق.
ولعل توقيف ثلاثة سائقين من قبل بلدية البيرة وشرطة اتحاد الدريب الأوسط أثناء تفريغهم كميات من النفايات وأطنان من اللحوم الفاسدة في خراج بلدة فريديس ومن ثم الافراج عنهم، ورفض إدعاء رئيس الاتحاد، يعدّ فضيحة مدوية بحق كل من يدعي حرصه على البيئة، والسلامة العامة، ومحاربته التلوث والفساد.
يبدو واضحا أن أزمة النفايات لا تزال تتفاعل والى مزيد من التفاقم شمالا، لسببين: الأول، جراء غياب المعالجة من قبل السلطة الرسمية من بلديات وإتحادات، ووزارة البيئة العاجزة لغاية اليوم عن تطبيق خطة من شأنها حل الأزمة.
ثانيا، الأزمة المالية التي انعكست على البلديات وحالت دون تمكنها من دفع الأموال والمستحقات لأصحاب المكبات، خصوصا أن البلديات التي تتألف من 9 و12 عضوا، قبضت قبل أيام مستحقات العام 2017، ولم تقبض كل الأموال بل فقط أموال الصندوق البلدي المستقل، من دون قبض أموال المشروع الانمائي، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحادات.
يشرح رئيس اتحاد بلديات الدريب الأوسط عبود مرعب لـ”سفير الشمال”، حقيقة ما يجري، مؤكدا سعي الاتحاد الى إيجاد مكان لجمع وتوضيب النفايات منذ فترة وذلك عقب الخلاف الذي وقع بين الاتحاد وشركة “الأمانة العربية”، التي تستقبل نفايات الدريب الأوسط في مكب سرار”، مؤكدا “أن الخلاف الذي نشأ مع الشركة مادي، إذ أن الشركة تطلب تسديد كامل مستحقاتها، ونحن لا نملك الأموال الكافية لذلك”.
ويشرح مرعب “أنه قام بدفع مبلغ 135 مليون ليرة من أصل 160 مليون ليرة قبضها الاتحاد قبل، واليوم أردنا تسديد مبلغ 54 مليون لأننا نريد أن ندفع للعمال، لكن صاحب الشركة رفض الأمر مطالبا بكامل المبلغ، وقد قام بقطع الطريق أمام الآليات”.
ويضيف عبود: “عمال الاتحاد يقومون بجمع النفايات ونقلها عبر الآليات التي حصلنا عليها من المنظمات الدولية، وكل ذلك في محاولة لتخفيف المصاريف، لأن الاتحاد يتكفل بنفايات 12 بلدية منضوية ضمن الاتحاد”.
ويتابع: “بعد الأزمة تواصلنا مع محافظ عكار عماد لبكي الذي شدد على عدم ترك النفايات في الشوارع ومحاولة إيجاد مكان لجمعها، لذلك قمنا بالتواصل مع أحمد جواد الذي قدم الأرض لحين حل المشكلة، لافتا الى أننا نقوم بفرش الأرض بالنايلون لمنع تسرب العصارة، كما يعمل سبعة عمال على فرز النفايات، وتحويل النايلون والكارتون الى المعمل القائم في البيرة لاعادة تدويرها، كما يتم توضيب النفايات الأخرى في الأكياس”.
وفي ما يتعلق بصحة المعلومات عن طمر النفايات في احدى الكسارات في المجدل، يوضح مرعب “أننا بالفعل تواصلنا مع خالد جواد ظنا منا أنه يملك كسارة في المنطقة، لكنه أوضح أن الكسارة الموجودة تعود ملكيتها للمتعهد ربيع الحلبي، وهو قام بالتواصل مع الحلبي الذي رفض بدوره التعاطي في هذا الأمر، لأنه يعمل على اعداد الخرائط المطلوبة في الوزارات المعنية، وعليه تم صرف النظر عن الموضوع”.
وشدد مرعب على “أننا لا نملك الكثير من الخيارات، وعلى المواطنين تفهم الواقع والا فان النفايات ستتكدس أمام المنازل وفي الشوارع، مؤكدا السعي الدائم لايجاد الحلول المرضية للجميع”.
من جهتها أوضحت شركة الأمانة العربية “أنها تعاني من أزمة مالية بسبب كثرة الديون المتراكمة على البلديات والاتحادات، لافتة الى أنها تطلب تحصيل الأموال للتمكن من الاستمرار في العمل، خصوصا أن لديها العديد من المستحقات المالية التي يجب تسديدها قبل انتهاء العام الحالي”.