الانتخابات البلدية الفرعية في عكار: معارك شرسة والعين على حلبا... نجلة حمود

تعكس الجولة على خريطة الانتخابات البلدية المرتقبة في 12 بلدية من محافظة عكار، صورة المنطقة ومزاج ناخبيها المشوش بين العائلات، والأحزاب والتيارات السياسية والمناطق والحسابات الشخصية الضيقة التي كانت سببا رئيسا في حل غالبية المجالس البلدية.

وتستعد بلدات: حلبا مركز المحافظة، عدبل، خربة شار، عمار البيكات، بينو ـ قبولا، شدرا، القرنة، جرمنايا الرامة، إضافة الى بلديات مستحدثة هي: الكنيسة، السماقية، ذوق الحبالصة، لمعارك قاسية داخل البيت الواحد في 27 من شهر تشرين الأول، خصوصا أن انفراط عقد هذه البلديات جاء نتيجة الانقلاب على الاتفاقات المعقودة فالتوافق العائلي وحتى السياسي انتهى مفعوله، وهو بالأصح لم يحتج لثلاث سنوات، بل انتهى تماما عقب انتخاب الأعضاء لرئيسهم في حزيران من عام 2016.

وعليه فان المشهد الانتخابي متشابك في تفاصيله، باستثناء ثلاث بلدات من المتوقع أن تشهد تزكية كبلدية عرقا التي إستقال مجلسها البلدي حدادا على رئيسه عامر حدارة، وإفساحا في المجال أمام نجله عدنان لاستلام السلطة المحلية.

السماقية حيث يتم السعي لاحلال التوافق جراء الاتفاق القائم بين العلويين والسنة، فالمداورة متفق عليها وبما أن المقعد الاختياري كان من نصيب العلويين فمن المرجح أن يتم التوافق على تولي الرئاسة حتى العام 2022 من قبل رئيس من الطائفة السنية.

كما تسعى بلدة كفرحرا التي تعد عائلة البازي ركنها الأساسي الى احلال التوافق وارضاء كل عائلات البلدة.

وتستعد المناطق المسيحية التي يتمتع فيها التيار الوطني الحر بشعبية واسعة لخوض معارك عائلية بامتياز لكون التيار لم يتخذ قرارا بخوض أي معارك، ما يعني أن الأمور ستترك للعائلات لتقرر مرشحيها. وهذا ما يبرز بوضوح في بلدتي شدرا، وبينوـ قبولا.

وتستعد البلدات السنية لمعارك حادة تتنافس فيها القوى السياسية والعائلات مع خصوصيات محلية وعائلية بدت أقوى من التوجهات الحزبية. وهو ما أجبر القوى السياسية في العديد من البلدات على التلطي خلف العائلات لتحقيق مكاسب خاصة أو لتصفية حسابات قديمة، لاسيما في بلدات: خربة شار التي تستعد لخوض معارك قاسية بين عائلات البلدة.

وتعد القرنة أم المعارك، جراء الخلافات المحتدمة بين آل زكريا في ما بينهم وآل علوان من جهة أخرى، والحال نفسه في بلدة الكنيسة (جراء المشاكل داخل العشيرة الواحدة بين المختار الحالي والمختار السابق ).

تنسحب الخلافات الى بلدة ذوق الحبالصة (مستحدثة) بسبب الخلافات داخل البيت الواحد. ومن المتوقع أن تشهد بلدة الرامة ـ جرمنايا معركة شرسة بين رجال الأعمال، خصوصا أن رجل الأعمال محمد البدوي كان يشغل منصب رئيس البلدية سابقا.

وتختزل حلبا عاصمة عكار، المعارك بأبعاد متعددة سياسياً وعائلياً بسبب التنوع السياسي الموجود فيها من: تيار المستقبل، التيار الوطني الحر، الحزب الشيوعي، الحزب القومي، القوات اللبنانية. فضلا عن حيثية رئيس مجلس إدارة مركز اليوسف الاستشفائي التعليمي الدكتور سعود اليوسف.

وبالرغم من أن المشهد لم يتضح بعد في حلبا، الا أن رئيس البلدية السابق سعيد الحلبي حسم خياره لجهة الترشح وهو لم يتوقف يوما عن التواصل مع قاعدته الشعبية، كما أن عمل كافة الماكينات الانتخابية بدأ في محاولة للامساك بالشارع وعدم تكرار التجربة السابقة التي أدت الى وصول عبدالحميد الحلبي الى سدة الرئاسة قبل أن تشتعل الخلافات داخل الفريق نفسه وتبلغ مداها عقب تبادل الاتهامات بالهدر والفساد، والتلكؤ في تحمل المسؤوليات، ما أدى الى استقالة عشرة أعضاء من أصل 18 عضوا في حزيران من العام 2018. يومها بررت الاستقالة “بأن حلبا ضحيةً تُذبح باسم أبنائها وباسم التغيير، على قربان المصالح الشخصية، ناهيك عن المصائب الكبرى والامراض التي فتكت بالجسد الحلباوي حتى أصيب بالشلل”.

على مدار عامين شهدت حلبا تراجعا كبيرا على المستوى الانمائي، فهي لم تعرف يوما حالا من الفوضى والاستهتار وتراجع الخدمات كما هي حالها اليوم، الأمر الذي دفع ثمنه عموم أهالي حلبا والشفت جراء أهمية حلبا كونها مركز محافظة عكار وتضم مختلف المؤسسات والدوائر الرسمية والحكومية، وأضخم المؤسسات الخاصة.

فهل تم أخذ العبر من التجربة الفاشلة؟ وهل ستتمكن العائلات الأساسية من احلال التوافق، خصوصا أن العصب العائلي يتحكم بكل مفاصل المدينة التي يتكون مجلسها البلدي من 18 عضواً، ويبلغ عدد ناخبيها نحو 10 الاف ناخب. من بينهم ثلاثة الاف صوت مسيحي، و400 صوت من البدو؟ وما هو الموقف الذي سيتخذه الدكتور سعود اليوسف لجهة المشاركة في الانتخابات او الوقوف جانبا، خصوصا أنه يطالب بانشاء فريق عمل في المجلس البلدي مكون من نخب العائلات في حلبا. وهو سيعقد للغاية اجتماعات متتالية تبدأ اليوم للتشاور مع العائلات والوقوف عند رايهم.