طوى الرئيس سعد الحريري يوم أمس صفحة تلفزيون المستقبل، بعد مضي أكثر من 26 سنة على تأسيسه في 15 شباط 1993، بعدما أعلن، في بيان له، ″قرارا بتعليق العمل في تلفزيون المستقبل وتصفية حقوق العاملين والعاملات، للأسباب المادية ذاتها التي أدت إلى إقفال جريدة المستقبل″.
بيان الحريري كشف بوضوح أن الأسباب المادية هي الدافع وراء القرار بـ″تعليق″ العمل بتلفزيون المستقبل، وليس إقفاله أو إغلاقه، لكن هذه الإختلافات في التعابير لا تحجب حقيقة أن القناة الزرقاء قد أطفأت أنوارها، سواء كان ذلك مؤقتاً أم دائماً.
ولأن ″تعليق″ قناة تلفزيونية كقناة المستقبل ليس أمراً عابراً، فإنه يجدر التوقف عند أبرز النقاط في هذا القرار، وأسبابه وخلفياته:
أولاً: عندما نالت قناة المستقبل ترخيصا يسمح لها بالبث قبل أكثر من عقد ونصف، كان ذلك نتيجة محاصصة سياسية وطائفية ومذهبية، لأن التراخيص وزعت بين قوى السلطة في ذلك الحين على أساس هذه المحاصصة؛ إذ اعتبر تلفزيون المستقبل من حصّة الطائفة السنّية، كما اعتبرت بقية المحطات من حصص بقية الطوائف. لكن اليوم بعد ″تعليق″ العمل بقناة المستقبل أصبحت الطائفة السنّية، وفق هذه الحسابات، بلا محطة تلفزيونية خاصة بها، وهو خلل ليس واضحاً بعد كيف يمكن معالجته.
ثانياً: يدلّ ″تعليق″ العمل بقناة المستقبل، ومن قبله المصير المماثل الذي لقيته جريدة المستقبل، على أن التيار الأزرق بات بلا أدوات إعلامية، سوى موقع إخباري، بينما بقية أطراف السلطة الرئيسيين يملكون وسائلهم الإعلامية المختلفة، ما يدفع للسؤال: كيف وبأي أدوات إعلامية سيدافع الحريري وتياره وفريقه السياسي عن أنفسهم إذا نشب خلاف سياسي بينهم وبين فريق آخر من أطراف السلطة، خصوصاً أن وسائل الإعلام، على اختلافها، باتت وسيلة من أهم وسائل الصراع والتنافس على السلطة وتحريض الشارع وتعبئته؟
ثالثاً: يُعبّر ″تعليق″ العمل بقناة المستقبل عن أزمة إعلامية كبيرة ومفصلية تعانيها مختلف وسائل الإعلام في لبنان، لأسباب مختلفة، أبرزها مالي نتيجة تقلص سوق الإعلانات المحلي وتراجع الدعم الخارجي لها. فبعد إغلاق أكثر من صحيفة يومية بدءاً بالبيرق وصدى البلد والسفير والمستقبل والأنوار والإتحاد وغيرها، وصلت الموسى إلى محطة التلفزيون، ما أثار مخاوف حقيقية من أن تلقى محطات تلفزيونية أخرى مصيراً مماثلاً، وأن يتحول لبنان إلى صحراء إعلامية بعدما كان واحة الشرق في هذا المجال، وطرح أسئلة كذلك عن مصير نحو 350 عاملاً في تلفزيون المستقبل لم يقبضوا رواتبهم منذ أشهر، فإلى أين سيذهبون، وكيف سيؤمنون فرص عمل لإعالة عائلاتهم، ومن يقي مصير العاملين في هذا القطاع من البطالة والتشرد والضياع؟..
مواضيع ذات صلة:
-
حصّة طرابلس من التعيينات لا شيء: من يوقف التهميش .. والهجرة… عبد الكافي الصمد
-
سقفٌ سياسيٌ عالٍ في الضنّية: القرنة السوداء لنا ودعوة الجيش لحسم الأمر… عبد الكافي الصمد
-
نزاع بقاعصفرين ـ بشري: لما لا تحسم الجهات الرسمية الأمر؟… عبد الكافي الصمد
فيديو:
-
بالفيديو: سائق باص يعنف أطفالا
-
بالفيديو: السعودية تعرض أدلّة على ″تورّط إيران″ في هجوم أرامكو
-
بالفيديو: هل تجاهل وائل كفوري ابنته بحفل عيد ميلاده؟