يتابع عضو كتلة ″الوسط المستقل″ ومقرر لجنة المال والموازنة النائب نقولا نحاس كل شاردة وواردة في موضوع الموازنة العامة، ويقدم آداء مميزا إقتصاديا وماليا ووطنيا، ويضع النقاط على الحروف بعيدا عن أية مزايدات أو تسجيل النقاط السياسية، مستندا في آرائه الى دراسات علمية، وسِعة إطلاع وأفق واسع.
لا يختلف إثنان على أن النائب نحاس يحضر ملفاته باتقان ويدرس تفاصيل التفاصيل وبدقة متناهية، ما يجعله قادرا على مقاربة الأمور، لا سيما الاقتصادية والمالية منها والتي تعتبر ملعبه، لذلك فإن ما يقوله نحاس اليوم يشكل خارطة طريق للبلد ككل لرسم كيفية الخروج من الأزمة وإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان.
يقول النائب نقولا نحاس لـ″سفير الشمال″: إن الموازنة مطلوبة وضرورية ولو جاءت متأخرة، وهي نسخة عن الموازنات السابقة مع التشديد على خفض الانفاق، لكن ذلك حتى الآن لا يدخل في تغيير المسار العام، فنحن ما زلنا على طريق آخره مسدود، ولكن كنا ننحدر باتجاه الاصطدام بالحائط بسرعة كبيرة، وعندما عملنا على خنق النفقات والمصاريف خففنا من هذه السرعة، لكننا لم نغيّر المسار.
يؤكد نحاس أن المطلوب اليوم برأي كل المؤسسات الدولية، ومؤسسات التصنيف، والبنك الدولي هو إعادة العقلنة الى نهج الحكم في لبنان، لأن النهج القائم إستنفد وإستهلك كل الطاقات المالية، حتى بات الوضع المالي اللبناني يحتاج الى ″أوكسجين″ ليبقى على قيد الحياة، خصوصا أن هذا النهج لم يخفف الحمل ولا الأعباء كما لم يغير المسار، لكنه فقط “ضرب فرامات بشدة” لكن هذه ″الفرامات″ يمكن أن تفلت في أي لحظة وندخل في المجهول.
يؤكد نحاس أننا حتى الآن لم ندخل في مسار إصلاحي، ولم نضع يدنا على نبع الفساد، ولم نحمِ الوحدة الوطنية، ولم نخرج من المحاصصة ومن الجزر والزوايا التي حاصرنا أنفسنا فيها، ما يعني أن المراجعة الأساسية المطلوبة هي ليست في الأرقام، وإنما بالعقلية في مفهوم الحكم والعمل العام، فالعمل العام ليس آداة للسلطة، والتسلط ليس آداة للمنافع، والمحاصصة ليست آداة لخدمة الناس، وطالما أن لبنان مقسم الى جزر وزوايا يتحكم من خلالها أصحاب السلطة بمصائر الناس، فإننا سنبقى في الزاوية الضيقة وسيشتد علينا الخناق أكثر فأكثر.
يقول نحاس ردا على سؤال: إن الموازنة ليست إصلاحية، بل هي موازنة تصحيحية، ولو كانت خطوة أولى على طريق الاصلاح لكانت أعطت أملا، لكنني لا أرى أن الخطوات التالية ستكون مختلفة، بمعنى أن موازنة 2020 التي تدرس وتكاد تكون جاهزة لا تختلف عن الموازنة التي ندرسها، كما لا أجد اليوم أي إتفاق سياسي على الاصلاحات أو أية إشارة لتغيير المسار أو الطريق الذي نسير عليه، وإذا إستمرينا على هذا المسار فإننا حتما سنصل الى أيام صعبة جدا.
لا يخشى نحاس من الانهيار، ويؤكد أن لبنان لن ينهار لكنه سوف يشهد أياما صعبة، لافتا الى أن الدولة وصلت الى وقت لا تستطيع فيه أن تستدين من أسواقها الداخلية، ما سيدفعها الى التفتيش عن جهة تؤمن لها التمويل، وطبعا فإن هذه الجهة من المفترض أن تفرض عليها شروطا صعبة وقاسية.
وردا على سؤال حول مؤتمر سيدر يرى نحاس أنه خفّ وهجه، وهو غير قادر على إعطائنا الحل، لكن الانتخابات النيابية أجريت على أساسه وأغدقت الوعود من خلاله، واليوم بات هناك شكوكا حول سيدر، وهو أمر في غاية الخطورة.
يشير نحاس الى أن كل التحركات المطلبية في الشارع سببها عدم الثقة بالسلطة التي تغيب عنها الرؤية الاصلاحية لكل القطاعات، لكن رغم ذلك برأي نحاس فإنه من غير المسموح أن يعطل الأساتذة مستقبل الطلاب بهذا الشكل الجارح، وإذا كان الاضراب مسموحا، والتعبير عن الرأي أمر مقدس وخصوصا في لبنان حيث تغيب ثقة المواطن بالسلطة، إلا أنه لا يجوز أن نُضرب بشكل غير عقلاني ومن دون الحفاظ على مصالح الطلاب.
وعن جلسة مناقشة الموازنة في مجلس النواب، يتوقع نحاس أن يتحدث كل فريق سياسي عن كل المطالب التي طرحها ولم تتضمنها الموازنة، خصوصا أن موضة الكلام السياسي سواء في جلسات الموازنة أو على التلفزيونات أو عبر وسائل الاعلام الأخرى مستمرة، وقد سمعنا مؤخرا سجالات من دون طعمة، تهدف جميعها الى تحقيق مركز متقدم في بيئة معينة، وخلق مشكلة في البلد تبين أن الاصلاح ليس هو الأساس، وليس الخروج من الأزمة القائمة هو الهاجس، بل الهاجس هو في كيفية قطع الطريق أمام المنافسين والتعطيل عليهم، لكي لا يصلوا الى أي مركز أو مكسب أو مصلحة.
يختم نحاس مؤكدا أننا نحتاج الى مقاربة جديدة في الحكم، ونحن ما نزال أمام شعارات لفظية، ولم نصل الى الانجازات الفعلية، ليخلص الى القول بأننا لم نبدأ في مرحلة الخروج من الأزمة.
تأرجح لبنان على حافة الحرب الأهلية أمس، فإستعادت بعض قرى الجبل مشاهدها، من خلال الانتشار المسلح والملثمين وقطع الطرقات وتبادل إطلاق النار الذي أودى بحياة إثنين من مرافقي الوزير صالح الغريب، وذلك على خلفية زيارة وزير الخارجية جبران باسيل الى عدد من قرى الجبل… https://t.co/ZOpFfW0Fgh
— ghassan rifi (@GhassRifi) July 1, 2019
مواضيع ذات صلة:
-
لبنان تأرجح على حافة الحرب الأهلية من بوابة الجبل!… غسان ريفي
-
صيف حار بتقنين كهربائي مضاعف.. الدولة تتواطأ على مواطنيها!… غسان ريفي
-
المجلس الاسلامي العلوي نحو مرحلة جديدة.. أي دور ينتظر الطائفة؟… غسان ريفي