إستضاف الرئيس نجيب ميقاتي في دارته في طرابلس اجتماعاً ضم وزير الصناعة وائل بو فاعور واتحاد نقابات العمال وأرباب العمل، في حضور السيد توفيق سلطان، ومسوؤل قطاع النقابات في ″تيار العزم″ غسان يكن. وتناول اللقاء شؤوناً نقابية وأموراً تتعلق بالصناعة اللبنانية وسبل دعمها.
وقال الرئيس ميقاتي في بداية اللقاء: ″إنّ الوزير أبو فاعور من الأشخاص الذين يحبون سماع هواجس الناس، ولا سيما الطبقة العمالية والنقابية، فأهلاً وسهلاً بك معالي الوزير، ونحن نعرف حرصك على ما تقوم به من عمل، وبما أنك اليوم تشغل منصب وزير الصناعة، فإنني متأكد أنك حريص في المحافظة على اليد العاملة اللبنانية، لأنّ الصناعة هي الوحيدة التي توجد يداً عاملة ما يتطلب نوعاً من الحماية ونحن داعمون لك في هذا الموضوع حتى النهاية″.
أضاف: ″نتيجة جولة الوزير بو فاعور في طرابلس، شعر بحجم المشكلات، وأبدى كل عاطفة وطلب المساندة منا جميعاً لنحمي الصناعة في المدينة. لقد زار الوزير أبو فاعور معارض الموبيليا التي تقفل أبوابها تباعاً، والمتاجر والمصانع الحديثة التي تزداد خسارتها أكثر فاكثر، وقد تحدث مع دولة الرئيس سعد الحريري، ونقل له الصورة، وطالبه بوضع الاقتراح الذي وضعناه سابقاً لحماية الصناعة، موضع التنفيذ″.
الوزير بو فاعور
ثمّ تحدث الوزير بو فاعور، فقال: ″كنت أخبرت الرئيس ميقاتي والرفيق أبا راشد أنني صدمت بما رأيت من عدد المصانع أو الورش المقفلة، والتي كانت عاملة في قطاع المفروشات. وإذا أردت اختصار الموقف، فإنني أقول أن صناعة المفروشات في طرابلس منكوبة: المشهد محزن ويدمي القلب. ونتيجة زيارتي شارع بورسعيد في الميناء، ومنطقة الزاهرية، واجتماعي بأصحاب الورش والمصانع، يمكنني القول أنه أمر معيب بحق الدولة اللبنانية أن تتفرج على ما يحل بصناعة كهذه. والأمر نفسه ينسحب على مختلف القطاعات. وكما قال الرئيس ميقاتي فإنني أعتبر هذا الأمر قضيتي كوزير، وقد أصبحت أكثر تعاطفاً لأنكم تعرفون ما تعني طرابلس لنا كحزب تقدمي اشتراكي في تاريخنا وذاكرتنا ووجداننا السياسي″.
أضاف: ″ما تقولونه هو مطلب محق، وهو أقل الممكن، وانا أستغرب عدم علم جميع الناس بالقرار الذي اتخذناه في مجلس الوزراء بفرض رسوم نوعية على عشرين قطاعاً وسلعة لمحاربة الاستيراد الإغراقي، نذكر منها: المفروشات، الأحذية، الملبوسات، الطحين، البرغل، الألمينيوم، مواد التنظيف، الحديد وغيرها من القطاعات. فعلى صعيد قطاع المفروشات مثلاً، تم رفع رسوم الاستيراد من ثلاثين الى اربعين في المئة والأمر نفسه ينطبق على الجلديات والأحذية، وأتخذنا قراراً بمنع تصدير الجلود إلى الخارج، وتسجيل المصانع التي نستورد منها المفروشات والأحذية إلى لبنان. وأنا أرى أنه أول قرار حمائي تتخذه الدولة اللبنانية منذ الاستقلال حتى اليوم″.
وأضاف: ″لم تصدر المراسيم التطبيقية لهذ القرار حتى الساعة نتيجة ضغط بعض التجار على بعض القوى السياسية لعدم توقيع هذه المراسيم، وسأرسل رسالة لرئيس الحكومة سعد الحريري فور انتهاء جولتي اليوم، تفيد أن طرابلس مدينة منكوبة صناعياً، وأتمنى السير سريعاً في إصدار المراسيم، وقد وعدني ببذل كل جهد في هذا السبيل. وبمجرد إصدارها، نكون قد دخلنا مرحلة جديدة في الصناعة. ولا مبرر لعدم إصدارها، الذي يشكل خرقاً دستورياً، لأن مجلس الوزراء أقرها بالإجماع رغم تسجيل تحفظين من وزيرين على قطاعي الألبان والأجبان، والمرطبات، لاعتبارهما أن الرسوم تزيد الأسعار في سلع استهلاكية أساسية. آمل في وقت قريب أن يسلك الأمر طريقه بشكل طبيعي، وستلمسون عندها أن الوضع بدأ يتغير، لأنه سيتم وضع حد للفلتان الحالي للتجار، وهذا ما بدأ بالفعل في العديد من القطاعات: حيث إن التجار بمجرد سماعهم بالإجراءات، ارتدعوا إلى حد كبير: وهذا ما لمسته من بعض تجار الألمنيوم الذين أكدوا لي انخفاض التصدير في الفترة الأخيرة، وهو ما تأكدت منه بنفسي″.
وتابع: ″بالنسبة لقرار تسجيل المصانع فهو يدخل في إطار ما يسمى بالعقبات التقنية التي تحصل في كل أنحاء العالم. وهذا ما عمدت إليه بعض الدول في تجارتها مع لبنان. ومما لا شك فيه أن قرارات الحماية أثارت حفيظة العديد من الدول، لكنها ستقرّ في النهاية″.
وأضاف: ″في موضوع تشغيل اليد العاملة غير اللبنانية، فإننا نرفض المنحى العنصري الذي يتصرف وفقه بعض الأطراف السياسية في موضوع النازحين السوريين، وإذا كانت هناك من مصانع منافسة لكم يديرها سوريون، فلكم أن تزودونا بالمعلومات حولها ونحن نتعامل مع الملف″.
وختم بالقول: ″أتيت إلى طرابلس، وأعود منها حاملاً في عنقي أمانة الصناعة في المدينة، وأعد بإذن الله أنني عندما أعود إلى طرابلس سيكون الوضع مختلفاً″.
وفي ملف التهريب، فإن المشكلة الأساسية تتمثل في ″التهريب الشرعي″، الذي يدخل عبر المرافئ بفواتير مزورة، ومواد يتم تغيير مواصفاتها. ونحن نضع آلية مع وزارة الاقتصاد والتجارة، لطرحها على مجلس الوزراء تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب. وأصبح لدينا تصور كامل لمعالجة هذا الأمر″.
ورداً على سؤال حول إمكانية مساعدة الورش الصناعية الصغيرة، أكد أبو فاعور أنّ “لبنان بوضعه الاقتصادي الحالي أعجز من أن يقدم مساعدات مادية لأصحاب هذه الورش”، مذكراً بأن القرارات المتخذة من قبل الوزارة حتى اليوم، يفترض أن تؤدي إلى تغيير إيجابي في الواقع الصناعي، حيث “اتفقنا مع المرفأ أن يفتح خلال أيام السبت والأحد، لتخفيض التكلفة وتسهيل الإجراءات على الصناعيين باستيراد المواد الأولية أو التصدير، وقد دخل القرار حيز التنفيذ. كما اتفقنا على لائحة تضم حوالي ثلاثمئة صنف من المواد الأولية المستوردة للصناعة، يتم إعفاؤها من خمسين في المئة من رسوم المرفأ. وقد أعددنا لائحتين من المواد الأولية المستخدمة في الصناعة، التي أعفيت بالكامل من الخضوع للفحوص في معهد البحوث الصناعية، وأصبحت تدخل وفقاً لشهادة المنشأ، مما يؤدي إلى انخفاض التكلفة وتوفير الوقت على الصناعيين. إضافة إلى ما يفترض أن تحدثه قرارات الحماية وتسجيل المصانع من تغيير إيجابي كبير″.
ولفت أبو فاعور إلى التعميم الصادر عن رئيس الحكومة بإلزام الإدارات العامة إعطاء الأولوية في مناقصاتها للمصانع اللبنانية، مع فارق خمسة عشر في المئة ، ورغم أن التعميم كان موجوداً إلا أنه لم يكن يطبق. والوضع حالياً يختلف حيث إننا طعنا بمناقصتين وتم إيقافهما لعدم تطبيقهما هذا الشرط. فأي مناقصة يتم إقصاء الصناعيين اللبنانيين منها، يجب أن تعلم وزارة الصناعة بهذا الأمر. صحيح أنه لا إجراء وحيداً يمكنه إنقاذ الصناعة اللبنانية دفعة واحدة، ولكن تراكم مجموعة إجراءات من شأنه تغيير واقع الصناعة. نعدكم بأنكم ستلمسون فرقاً كبيراً: آمنوا بأنفسكم، ولا تغلقوا مؤسساتكم، تحملوا قليلاً، وبإذن الله، فإن الأمور ستتغير. وقد قلت أكثر من مرة في الإعلام، أنه عندما ″حارب″ وليد جنبلاط لتكون وزارة الصناعة من حصته، فإنه لم يكن يبحث عن حقيبة وزارية، ولكن عن قضية وطنية تعنينا جميعاً”.
وكشف أبو فاعور أنه يعمل على تسوية الكثير من المؤسسات الصناعية التي تتقدم بالتراخيص من دائرة الصناعة في طرابلس، بإعطائه مهلة زمنية معينة، مؤكداً أنه خلال عشرين يوماً كحد أقصى، ينبغي أن يكون طلب الترخيص على طاولة الوزير.
كما كشف أبو فاعور عن آلية قروض يجري إعدادها مع مصرف لبنان وجميعة الصناعيين اللبنانيين، لافتاً إلى وجود ما سماه “خطيئة” ارتكبت أوائل التسعينات، حين تم إلغاء مصرف الإنماء الصناعي والزراعي الذي كان مصرفاً للدولة ويعطي قروضاً صناعية وزراعية. واليوم وضعت كل المؤسسات الصناعية والزراعية والمؤسسات الاستثمارية تحت رحمة المصارف التجارية.
سلطان ويكن
كما تحدث خلال اللقاء ايضا السيد توفيق سلطان الذي نوه بـ″جهود الوزيرين وائل بو فاعور وقبله غازي العريضي وبتجربة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يؤمن بالطبقة العاملة″.
كما تحدث مسوؤل قطاع النقابات في “تيار العزم” غسان يكن فقال ″إنّ هدف اللقاء هو عرض الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع الصناعي في طرابلس، حيث اندثرت الكثير من الصناعات، فيما لا يزال البعض الآخر يقاوم الانقراض″.
من جهته قال عضو المجلس التنفيذي لاتحاد نقابات العمال والمستخدمين في الشمال النقيب شادي السيد أن مثل هذا الاجتماع لا بد أن يكون مثمرا ومنتجا .
وقد استمعنا بامعان إلى معالي الوزير أبو فاعور وإلى دولة الرئيس نجيب ميقاتي الحريص دائما على كل القطاعات في لبنان والشمال ويتبنى منذ وقت طويل كل قضاياها. ونحن نشعر أننا بصدد إجراءات مستقبلية مجدية.
وأضاف: نذكر أننا في عهد معالي وزير الصحة وائل أبو فاعور توصلنا إلى قناعة بأن طعامنا صار مطابقا وقد وثقنا بذلك فعلا، ونتطلع اليوم معك لكي تصبح الصناعة مطابقة لمصالح الصناعيين وكل الشعب اللبناني وان تصير مطابقة مع حاجات ومتطلبات ديمومة عمل كل الحرف والمؤسسات كبيرة وصغيرة. ولا بد أن نستعيد جميعا زمام المبادرة على هذا المستوى في الشمال كله وخاصة في طرابلس التي تعرضت فيها كل القطاعات لمخاطر متعددة نتيجة عوامل كثيرة منها المضاربة الخارجية والمحلية ومنافسة اليد العاملة كما عانت طرابلس من ظروف أمنية وأحداث متواصلة ومتقطعة، وقد عانينا ونعاني جراء واقع اقتصادي رديء يتراجع نحو الأسوأ .
وختم السيد: اليوم بالنسبة لنا وائل أبو فاعور في طرابلس كل الثقة.