عند الحديث عن الاهمال والحرمان في محافظة عكار لا يجب أن ننسى تحميل جزء كبير من مسؤولية الواقع المأساوي الى السلطة المحلية من بلديات وإتحادات. إعتدنا على لوم ″الطليان″، ولكن الحقيقة أن سلطتنا فاسدة والرقابة معدومة، والمواطن غير مسؤول لأن هذه السلطة هي نتاج المواطن نفسه، وهنا يصح القول: “كما تكونوا يولى عليكم”.
لم يبالغ وزير البيئة فادي جريصاتي عند تفقده شاطئ عكار ورؤيته كميات النفايات المنتشرة على طوله بتحميل أبناء عكار المسؤولية، ″هذه نفاياتنا ونحن مسؤولون عنها وليست مسؤولية إسرائيل أو أميركا″.
بداية الحل تكون بالاعتراف بالمشكلة، والمشكلة هي في كيفية تنمية حسّ المسؤولية وتعزيز ثقافة النظافة لدى المواطن، ومن هم في موقع المسؤولية.
لا يمكن توجيه السهام الى وزير البيئة الذي يسعى جاهدا لخلق حركة ديناميكية على مختلف الأراضي اللبنانية، لكن بالتأكيد “معاليه” لا يملك عصا سحرية لقلب الأمور، وتحويل شاطئ عكار الى متنفس للعكاريين يعج بالمنتجعات السياحية.
خرج بعض الأهالي المتواجدين على الشاطئ والذين إعتادوا إفتراش النفايات للاستجمام في ظل غياب أي بديل، لتقديم شكوى للوزير بأن بعض البلديات تقوم برمي النفايات على الشاطئ، فما كان من جريصاتي الا أن طلب توثيق ما يجري، واعدا بالمحاسبة. وبالفعل إنتشر اليوم فيديو من قبل الناشط محمد الزين يظهر فيه إحدى الآليات وهي تقوم بجمع النفايات عن الطريق الساحلية ورميها عند الشاطئ!..
هي البلديات نفسها التي لم تكلف نفسها عناء المشاركة بالحملة الوطنية لتنظيف الشاطئ، وهي البلديات نفسها التي تذرعت بأنها لم تكن على علم!، وهي البلديات نفسها التي إعتادت هدر المال العام!، وهي البلديات التي يدخل في سجلاتها دفع مبالغ طائلة لجمع وطمر النفايات في مكب سرار!، وهي البلديات التي لم تكلف نفسها عناء وضع حاويات على جانب الطرق!، وهي البلديات التي دخل الى صناديقها مبالغ هائلة لم يعلم المواطنون كيف وأين صرفت!..
هذه هي بلديات عكار التي لم تشارك بحملة تنظيف الشاطئ العكاري من ضمن ″حملة تنظيف الشاطئ اللبناني″، التي قام بها وزير البيئة الأحد الفائت..
استهتارها أعطى فكرة واضحة عن كيفية تعاطي السلطة المحلية مع أهم المرافئ الحيوية للمحافظة. فكيف يمكن تحقيق التغيير مع هذه السلطة الانهزامية المستهترة، وغير المبالية؟ وكيف يمكن أن يحلم العكاريون بغد أفضل لهم ولأبنائهم؟.
سارع رئيس بلدية تلحياة خالد الخالد الى التأكيد عقب نشرنا تقرير بعنوان ″بلديات عكار تغيب عن تنظيف الشاطئ..من يحمي المواطنين؟″ أنه لم يكن على علم بالحملة بتاتا، بالرغم من أن لقاء جمع مندوب الوزارة مع الاتحادات في سراي حلبا الحكومي بحضور المحافظ عماد لبكي. وشدد الخالد على أن رئيس الاتحاد محمد المصري لم يضع البلديات في جو ما يجري وقد فوجئوا بالحملة عبر وسائل الاعلام. وهذا يعكس مدى إهتمام الأخير الذي غاب هو أيضا عن حملة تنظيف الشاطئ بحجة جني محصول البطاطا!..
بدوره أكد رئيس بلدية قبة بشمرا خالد الأسمر أن بلديته لا تملك “بوبكات” لجمع النفايات وبالتالي هو غير معني بالفيديو الذي انتشر، بالرغم من أن صاحب الفيديو يؤكد أن هذه الآلية تعمل ضمن نطاق اتحاد بلديات ساحل القيطع، وتحديدا بلدية قبة بشمرا.
أمام هذا الواقع الصادم والمؤلم لم يعد بالامكان إلقاء اللوم على الوزارات، لأن الاستهتار والاستخفاف بعقول المواطنين بلغ حدودا يفوق التصور وما الفيديو الذي إنتشر والذي نضعه بعهدة وزير البيئة فادي جريصاتي سوى غيض من فيض الاهمال.
https://youtu.be/O7FgTegpCiM