يبدو واضحا أن صدمة قرار المجلس الدستوري بإبطال نيابة ديما جمالي وإجراء إنتخابات فرعية في طرابلس، أرخت وما تزال ترخي بثقلها عليها وعلى الرئيس سعد الحريري وقيادات وجمهور تيار المستقبل، وقد تُرجم ذلك بداية بتسرّع الحريري باعلان ترشيح جمالي والطلب من كتلته النيابية تبني ودعم هذا الترشيح، وبمحاولة بعض قيادات وكوادر المستقبل إقناع الحريري بالعدول عن قراره لمصلحة أحد الصقور بعدما أثبتت الوقائع أنه يحتاج الى أحدهم بجانبه في مجلس النواب، وأخيرا بتخبط جمالي بتصريحات ومواقف تُظهر أنها تستعجل العودة الى مقعدها النيابي بغض النظر عن المستجدات السياسية والانتخابية الحاصلة، متناسية الحديث الشريف القائل: ″من إستعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه″.
لا يختلف إثنان على أن نيّة النائب محمد كبارة بتقديم إستقالته وترشيح نجله كريم لم تكن مزحة أو مناورة أو جسّ نبض، بل هي خطوة جدية، لكن أبو العبد المعروف بقربه الى أبعد الحدود من الناس، يتريث في الاعلان عنها الى حين إشباعها دراسة مع كوادره وجمهوره، وإجراء المشاورات السياسية بشأنها مع مختلف الأطراف قبل أن يتخذ قراره النهائي حيال هذا الأمر.
كما بات معلوما أن كبارة يتعرض الى ضغوطات من الحريري وتيار المستقبل لثنيه عن هذه الاستقالة، إنطلاقا من قناعة الجميع بأن المعركة الانتخابية الفرعية على مقعد واحد تبقى أسهل بكثير من المعركة على مقعدين والتي قد تبدل أمورا كثيرة على صعيد التحالفات، وربما تفتح شهية كثير من الطامحين لاعلان ترشيحهم وتشكيل لوائح مضادة يمكن أن تواجه لائحة المستقبل، لكن كبارة لا يأبه لكل هذه الضغوط، ويستمر في مشاوراته مع أبناء طرابلس تمهيدا للوصول الى إتخاذ القرار الذي يرضون عنه.
في غضون ذلك، يبدو أن ديما جمالي تسعى الى الاستقواء بقرار ترشيحها السريع من قبل الرئيس الحريري وكتلة المستقبل النيابية، وصولا الى فرض نفسها على الناخبين، وفرض شكل المعركة التي تناسبها وحدها بغض النظر عن الظروف المحيطة بالمنازلة الانتخابية، حيث أعلنت في إطلالة تلفزيونية على شاشة المستقبل صباح أمس، أن ″النائب محمد كبارة قرر عدم الاستقالة وعدم ترشيح نجله كريم، وأن الانتخابات ستكون على مقعد واحد فقط″.
وجاء كلام جمالي متناغما أو ربما مطابقا مع ما نشرته قناة MTV يوم أمس الأول على موقعها حيث كشفت أن ″كبارة لن يستقيل″ ما إستدعى ردا من مكتب كبارة يؤكد أن الاستقالة وترشيح كريم ما زالت قائمة وأن أبو العبد ما يزال يُجري مشاورات مع كوادره ويدرس خياراته.
ما تكفل به مكتب كبارة حيال ما نشرته المحطة التلفزيونية، عبر عنه أبو العبد شخصيا ردا على كلام جمالي، حيث إستغرب في حديث لموقع ″الانتشار″ ما ذكرته جمالي على شاشة المستقبل، وقال: ″صارت ديما بتحكي عني″.. و″الأمور مش زابطة″.
لا شك في أن رد كبارة يدل على إستيائه العارم من كلام جمالي المتسرع وغير المستند الى معلومات دقيقة، وهو يأتي أيضا إنعكاسا لموقف جمهوره الذي عبر على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضب شديد من كلام جمالي، خصوصا أن الأمر ما يزال في طور الدراسة، ما يشير الى حصول شرخ كبير بين المرشحة جمالي وبين جمهور النائب كبارة، الأمر الذي سيضع الرئيس الحريري أمام مهمة جديدة، لجهة إقناع أبو العبد بإعطاء كلمة السر لجمهورة للتصويت لجمالي بغض النطر عما إذا كانت الانتخابات الفرعية على مقعدين أو على مقعد واحد.
يؤكد مقربون من حزب الله أنه ″لا يريد الدخول في معارك سياسية مع أي تيار أو طائفة، لكنه ماض في حربه ضد الفساد وكشف مصير الأموال التي صرفت أو نهبت من دون وجه حق، مشددين على أن الحزب لم يسم أحدا، وأن القضاء هو المرجع الصالح للفصل في هذه الاتهامات وفي تسمية الأشياء بأسمائها.″ https://t.co/nKWsI42GVJ
— ghassan rifi (@GhassRifi) February 28, 2019
مواضيع ذات صلة:
-
تساؤلات لا تنتهي حول قرار المجلس الدستوري.. لماذا طرابلس؟… غسان ريفي
-
سلوك سياسي غير مسبوق يضرب المؤسسات الدستورية والطائف… غسان ريفي
-
مفتاح معركة إنتخابات طرابلس.. في جيب الرئيس ميقاتي… غسان ريفي