أكثر من مستجد سياسي برز مؤخراً في طرابلس بعد نشر قرار المجلس الدستوري في الجريدة الرسمية، بما يتعلق بإبطال نيابة عضو كتلة المستقبل ديما جمالي، والدعوة لإجراء إنتخابات نيابية فرعية في غضون شهرين من تاريخه لملء المقعد السنّي الخامس الذي أصبح شاغراً، ما أدى الى خلط الأوراق وفرض إعادة الحسابات والتحليلات والقراءات السياسية للإستحقاق الفرعي المرتقب، الذي بدأ يتخذ أبعاداً سياسية أكبر من مجرد كونه محطة إنتخابية عابرة، لن تُغيّر بموازين القوى داخل مجلس النواب، خصوصاً بعد تشكيل الحكومة.
هذه المستجدات جعلت التكهن بما ستؤول إليه الإنتخابات الفرعية أمراً صعباً، سواء بما يتعلق بالترشيحات أو التحالفات أو نسبة الإقتراع، فضلاً عن النتيجة التي يسعى كل طرف لأن يجعل نتيجتها تصبّ في صالحه، إنطلاقاً من حسابات سياسية مختلفة عند كل جهة.
وتمثلت أبرز هذه المستجدات بالأمور التالية:
أولاً: نفي الرئيس نجيب ميقاتي أن يكون قد حسم قراره بالوقوف إلى جانب تيار المستقبل ومرشحته، وقوله إنه ما يزال يدرس الأمر بروية وبعناية تامة، ويجري إتصالات ومشاورات واسعة، ويعقد لقاءات مع سائر الأطراف والفاعليات الطرابلسية، ويصغي لآراء وتوجهات أبناء مدينته بهذا الخصوص كي تتوضح الصورة لديه، وذلك بعدما فسر كثيرون كلاماً سابقاً له بأنه ″حريص على حُسن سير العلاقة بينه وبين الرئيس سعد الحريري، وعلى التعاون المتين معه، من أجل مصلحة طرابلس والطرابلسييين ووحدة الصف”، على أنه إعلان عن تحالفهما معاً في الإنتخابات الفرعية.″
ومن شأن كلام ميقاتي الأخير أن يعيد ترتيب الأوراق وإعادة الحسابات، لأن تحالف ميقاتي مع الحريري شيء، ووقوفه على الحياد شيء آخر، ذلك أن لائحة العزم التي ترأسها ميقاتي حصلت في طرابلس على 28695 صوتاً تفضيلياً في استحقاق إنتخابات 6 أيار الماضي، محتلة بذلك المرتبة الأولى في المدينة أمام لائحة المستقبل التي نالت حينها 25468 صوتاً تفضيلياً، بينما حصلت لائحة الكرامة الوطنية التي ينتمي إليها المرشح طه ناجي، الذي تقدم بطعن أمام المجلس الدستوري بحق جمالي وأفضى قراره إلى إبطال نيابية جمالي ودعا لإجراء إنتخابات فرعية، على 15799 صوتاً تفضيلياً، ما يعني أن اتخاذ ميقاتي أي قرار غير التحالف مع المستقبل، سيجعل نتائج الإنتخابات الفرعية مفتوحة على كل الإحتمالات، واستحقاقاً سياسياً من العيار الثقيل بكل معنى الكلمة.
ثانياً: شكل إنتقاد الوزير السابق أشرف ريفي القاسي لنواب تيار المستقبل، ووصفهم بأنهم صيصان، ما أثار عليه موجة من الإنتقادات اللاذعة على مواقع التواصل الإجتماعي من مؤيدي التيار الأزرق الذين وصفوا كلامه بأنه ″شعبوي″، مؤشراً على تمهيد الأرض وتعبئة أنصاره بأنه لن يقف على الحياد في الإنتخابات الفرعية، وأن احتمال ترشّحه واردٌ بقوة، ما سيربك حسابات جمالي وتيار المستقبل وقيادته.
وتنطلق حسابات ريفي من احتمال ترشحه من اعتبارات عدة، أبرزها أنه حصل على أعلى عدد من الأصوات التفضيلية في طرابلس من بين المرشحين الخاسرين؛ إذ حصل على 5931 صوتاً تفضيلياً، في حين حصل ناجي على 4152 صوتاً تفضيلياً، مقابل جمالي التي حازت على 2066 صوتاً تفضيلياً، وعليه يرى ريفي أنه الأحق بالمقعد السنّي الخامس الشاغر في مدينة طرابلس.
إلا أن هذه الحسابات الإنتخابية لدى ريفي تبقى غامضة، لأن جمالي وناجي لديهما تحالف سياسي يدعمهما، بينما ريفي يخوض ″مغامرة″ الإنتخابات بلا أي حليف سياسي فاعل، إلا إذا كان يراهن على خطاب سياسي تصعيدي في مواجهة تيار المستقبل وتنازلاته السياسية، وتكرار تجربة الإنتخابات البلدية عام 2016، برغم الفارق الكبير بين الإستحقاقين، شكلاً ومضموناً.
مواضيع ذات صلة:
-
فرعية طرابلس: إرباكُ مبكّر في صفوف المستقبل… عبد الكافي الصمد
-
ترقّب وغموض يسودان إنتخابات طرابلس الفرعية… عبد الكافي الصمد
-
القصّة الكاملة لـ″قلم إنتخابات قرصيتا″ الذي أبطل نيابة ديما جمالي… عبد الكافي الصمد