ما كاد المكتب الإعلامي لوزير الدولة لشؤون النّازحين صالح الغريب يعلن، أول من أمس الإثنين، أنه في طريقه للعاصمة السورية دمشق تلبية لدعوة وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، بهدف “عرض ملف النّازحين السوريين في لبنان، وكيفية تأمين عودة آمنة لهم”، حتى بدأ فريق 14 آذار، السياسي والإعلامي، بشنّ حملات على الوزير، معتبراً أن الزيارة تمثل “خرقاً” للتفاهم الذي جعل الحكومة تبصر النور، بعد ثلاثة أيام من نيل الحكومة الثقة، وقبل يومين من إنعقاد أول جلسة رسمية للحكومة غداً الخميس.
وذهب البعض من هذا الفريق إلى “اتهام” الغريب بأنه “خرق” التضامن الحكومي، وهو ذهب إلى دمشق من غير موافقة رئيس الحكومة سعد الحريري أو حتى إطلاعه مسبقاً على الزيارة، وأن زيارته كانت إعلامية وشخصية بحتة، وهي لم تكن تهدف إلى مناقشة موضوع النازحين، وبالتالي فإنه لا يُعوّل عليها، داعين إلى وضع حدّ لمثل هكذا تصرفات ومنع حصول أي خرق مشابه مستقبلاً، وسط تسريب مواقف عن أوساط رئيس الحكومة وأركان فريق 14 آذار، الذين صوّب بعضهم سهامه مسبقاً على الوزير الغريب منذ الإعلان عن تسميته وزير دولة لشؤون النازحين، خلطوا فيها مواقفهم الشخصية بالسياسية.
لكن الإعتراض حول زيارة الغريب والضجّة التي أثيرت حولها، لم تكن تستأهل كل ذلك، لعدّة أسباب، من أبرزها:
أولاً: عندما عُيّن الغريب في منصبه وزير دولة لشؤون النازحين خلفاً للوزير السابق معين المرعبي، كان تعيينه مؤشراً على قبول مسبق للحكومة بوزير تربطه وتربط الفريق السياسي الذي يمثله علاقات جيدة بالحكومة السورية، عكس المرعبي الذي كان يجاهر بعدائه لها، من أجل فتح كوة صغيرة في جدار الأزمات المشتعبة للنازحين السوريين، والتنسيق مع سوريا لتسهيل إعادة ما يزيد على مليون ونصف مليون نازح سوري مقيم في لبنان، تركوا تداعيات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وعلى البنى التحيتة التي باتت ترزح تحت حمل ثقيل لم تعد قادرة على تحمّله.
ثانياً: يعلم القيمون على شؤون البلاد، في الحكومة والمجلس النيابي، والشعب اللبناني أيضاً، أن إعادة النازحين السوريين إلى بلادهم لا يمكن أن تحصل في ظل استمرار العداء للحكومة السورية، ورفض الحوار والتواصل والتنسيق معها، ولا معالجة الملفات العالقة بين البلدين سواء بما يخصّ النازحين أو غيرها، وأن المكابرة في هذا الخصوص يعني بكل بساطة أن أزمة النازحين ذاهبة إلى مزيد من التأزّم والتعقيد.
وإضافة إلى ملف النازحين، فكيف يمكن معالجة موضوع الترانزيت بين لبنان وسوريا، والإستفادة من ورشة إعادة إعمار سوريا التي تقدر قيمتها مبدئياً بقرابة 450 مليار دولار، وهل من الحكمة إستعداء بلد تربطه بلبنان علاقات تاريخية وجوار جغرافي ومصالح متشابكة وعلاقات إجتماعية، وربط كل ذلك بإملاءات خارجية من دول تستعدي سوريا لأسباب مختلفة لا مصلحة للبنان بها.
ثالثاً: أعلن الوزير الغريب أن زيارته سوريا ليست سرّية، وأن رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري على علم بها، وهو دعا بعد زيارته بعبدا إلى “إخراج ملف النّازحين من التجاذبات السياسية، لما يشكّله من ضغوط إقتصادية ومالية وأمنية على الوطن برمته”، كما دعا من السرايا الحكومي الكبير إلى “إخراج هذا الملف من التجاذبات السياسية، وأقلها أن ملفاً بهذه الحساسية يستحق منا جميعاً كلبنانيين، أن تكون لدينا مقاربة تأخذ بالإعتبار مصلحة لبنان أولاً”.
رابعاً: تبين أن خلفيات بعض من عارضوا زيارة الوزير الغريب إلى سوريا، وبالتالي عودة النازحين السوريين إلى بلادهم، هم جهات سياسية ومنظمات وهيئات وأفراد حققوا مصالح من بقاء النازحين في لبنان، مالية تحديداً نتيجة إستفادتهم من المنح والهبات التي تأتي إلى لبنان من دول أجنبية لمساعدة النازحين، وهم ينظرون إلى النازحين السوريين على أنهم دجاجة تبيض ذهباً بالنسبة إليهم، مقدّمين مصالحهم الخاصة على مصالح لبنان العليا.
مواضيع ذات صلة:
-
الشّمال يُعطي الحكومة ثقة مطلقة فهل تردّ له الجميل؟… عبد الكافي الصمد
-
السلطة السياسية تُضيّع فرصة الإستفادة من مرفأ طرابلس… عبد الكافي الصمد
-
ماذا يحصل بين السعودية والحريري؟… عبد الكافي الصمد