بات تصفح مواقع التواصل الاجتماعي مزعجا للكثيرين ممن لا يحبون الابتذال، ويبتعدون عن الكلمات البذيئة والتعابير السوقية، الا ان عصر التكنولوجيا فرض نمطا جديدا من التعاطي بين البشر، وغدت هذه المواقع مصدر أخبار مهم للعديد من المواطنين، كما باتت مصدرا للاطلاع على كل جديد من عالم الموضة الى فن الطبخ، من دون ان ننسى السياسة والاصطفافات لشاغلي هذه المواقع ومتتبعيها وتحولها الى منصة للتراشق الكلامي الذي في احيان كثيرة يخدش الحياء من قلة اخلاق البعض، الى سفاهة البعض الاخر، الى انحطاط مستوى الكلام عند مجموعة، ناهيك عن التعابير السوقية وعدم احترام المقامات الى ما هنالك من اوصاف قد لا تعبر عن مدى تدني مستوى كثيرين على هذه المواقع.
الا ان ذلك لا يمنع من الاشارة الى ان هذه المواقع وفي احيان كتيرة تضيء على مواضيع واهتمامات تمس حياة المواطن ووجعه، بالاضافة الى وضع الاصبع على الجرح بالنسبة لعناوين كثيرة، ما يطرح السؤال هل يُعتبر تنظيم النشر على هذه المواقع خرقا لقانون الحريات المعمول به في لبنان والذي نتباهى به؟، وهل يجوز الاستمرار في التحريض السياسي او الطائفي او المذهبي من دون حسيب او رقيب؟، وهل من المسموح التطاول على الاخر من دون محاسبة ام يجب ان تكون هناك قوانين ترعى وتنظم هذا القطاع الذي بات اليوم الشغل الشاغل لمعظم الناس، حتى ان بعضهم لا يمكن ان يستغني عنه لدقائق كون العالم اصبح في متناول الصفحات الناشطة التي تأتيك بالاخبار من دون تكلفة او حتى طلب؟.
اسئلة لا بد من طرحها في بلد يعيش مرحلة صعبة من تاريخه النضالي من اجل حرية الرأي حيث يوميا هناك من يتم توقيفه في اطار القدح والذم والتطاول، وهناك يوميا ايضا من يحرض وينبش القبور من دون ان يلتفت احد اليه او يطلب الى التحقي، ما يشير الى السلطة تتعاطى مع الناشطين وفق قاعدة “ناس بسمنة وناس بزيت”.
هذا السقف والشتاء على سطح واحد ادى الى بلبلة على هذه المواقع حيث انتشرت تساؤلات حول السبب في عدم توقيف كل من يتطاول او بالعكس السماح للجميع بالتعبير عن رأيهم مهما كانت قساوة هذا الرأي.
في هذا الاطار يعتبر الناشط السياسي المهندس زياد مكاري ان مواقع التواصل الاجتماعي باتت حاجة ولكن ما يفاجىء هو ان السلطة اليوم تقوم بقمع الناشطين على هذه المواقع، فيما كانت تدافع عنهم قبل ان تصل الى مركز القرار.
ويقوك مكاري: ″الظاهر ان نعمة السلطة شيء وتضحيات المعارضة شيء اخر، فالتيار الوطني الحر ناضل 25 سنة من اجل الدفاع عن حرية التعبير لينتهي بملاحقة ناشطين على تويتر″.
من جهته يرى الناشط الاجتماعي غالب دويهي أن هناك صيفا وشتاء تحت سقف واحد، لافتا الى ان حرية التعبير حق مقدس، ونحن ابناء الحريات ودفعنا الغالي والنفيس لنبقى احرارا، لذا يجب عدم سوق الناشطين الى التحقيقات، متسائلا لماذا يتم توقيف فلان وترك علان فيما الكثيرون ينجرون الى ردود قاسية في السياسة؟، معتبرا ان ″كتابة بوست″ لا تقدم ولا تؤخر في الحياة العامة اللبنانية، داعيا الدولة الى عدم الانجرار الى الزواريب بل الانطلاق وبطاقة كاملة وجامعة لكل اللبنانيين للسير بما يخدم المواطن الذي يعبر عن وجعه والنهوض بالدولة وبمؤسساتها لتحقيق الحياة الكريمة التي ننشدها جميعا.
من جهتها تعتبر الناشطة ريما بركات ان حرية التعبير يجب ان تصان ولكن ان تصان ايضا اعراض الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة ان اللغة باتت مبتذلة وركيكة على هذه المواقع ويجب وضع حد لما يجري انما ليس عبر توقيفات اعتباطية كما يحصل اليوم، معتبرة ان هناك مدعومين من السلطة يغردون وينشرون بوستات تشيطن من يختلفون معهم بالسياسة، ويجرحون بالشخصي وغير الشخصي، من دون ان تتم ملاحقتهم فيما من يهاجم العهد توضع الموس على رقبته، متسائلة كيف يترك الحبل على غاربه للبعض فيما يصار الى سجن البعض الاخر من اجل كلمة او تعبير لطالما استعمل البعض الاول اقسى منه؟.
فوضى مواقع التواصل الاجتماعي.. ناس بسمنة وناس بزيت… حسناء سعادة https://t.co/J2CqDrrw36
— Hasna Saadeh (@HasnaSaadeh) February 8, 2019
مواضيع ذات صلة:
-
إذا لم تسرع الحكومة المقبلة الى اجراء إصلاحات.. فالاقتصاد من سيء الى أسوأ… حسناء سعادة
-
هَزُلت… حسناء سعادة
-
مواقع التواصل الاجتماعي.. علّي وخود جمهور… حسناء سعادة