ماذا يحصل بين الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، ولماذا بلغت العلاقة بينهما هذا المستوى غير المسبوق من التوتر والتأزم، وإلى أين ستصل بينهما حرب المواقف والتغريدات، ومن يتحمّل مسؤولية ما وصلت إليه العلاقة بين ركني فريق 14 آذار، سابقاً، وهل أن الرجلين وصلا إلى حائط مسدود بات معه إصلاح ذات البين بينهما صعباً؟.
أسئلة كثيرة تطرح في مختلف الأوساط حول خلفيات ومصير العلاقة المستجدة والمتأزمة بين الحريري وجنبلاط، وتأثيرها على الحكومة التي وُلدت على وقع تبادل القصف الإعلامي بين الرجلين، والتراشق المتبادل، ومصير التحالفات السياسية المقبلة في ضوء المشهد السياسي الجديد.
فقبل أن تولد الحكومة بأيام، كان جنبلاط يستشعر عن وجود أمر ما يتم تحضيره لمحاصرته سياسياً، وصولاً إلى إبعاده عن المشاركة في الحكومة، إن أمكن ذلك، وكانت أولى الخطوات التي رفعت منسوب الهواجس لديه، دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ ناصر الدين الغريب، المحسوب على منافسه داخل البيت الدرزي النائب طلال إرسلان، إلى جانب شيخ عقل الطائفة المحسوب عليه والمعترف به رسمياً الشيخ نعيم حسن، كضيوف شرف في القمة العربية الإقتصادية التي عقدت في بيروت بين 19 و20 كانون الثاني الماضي.
وزاد من قلق جنبلاط تطورات الساعات الأخيرة التي سبقت تأليف الحكومة، وما أسفرت عنه التشكيلة الحكومية من أسماء، إذ وجد جنبلاط أن الحريري يُقدّم تنازلاً تلو الآخر لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ولا يرفض له طلباً، وكأنه هو من يؤلف الحكومة وليس الحريري، وهو ما لمسه جنبلاط عندما زاره الحريري قبل التأليف طالباً منه التنازل عن وزارة الصناعة لمصلحة رئيس التيار البرتقالي، لكن جنبلاط رفض العرض ″بلطف″، كما أوضح لصحيفة إماراتية لاحقاً.
مخاوف جنبلاط تحققت عندما أعلن الحريري عن تشكيل الحكومة، وتحديداً في أمرين: الأول عندما عُيّن القيادي في التيار الوطني الحرّ غسان عطا الله وزيراً للمهجرين، برغم سقوطه في الإنتخابات النيابية عن دائرة الشوف، وهو المرشح الوحيد الراسب في الإنتخابات الذي عُيّن وزيراً، ما عنى برأي زعيم المختارة تعزيزاً منذ الآن لدور وحجم التيار البرتقالي في معقله تحضيراً لانتخابات 2022.
أما الأمر الثاني الذي أثار مخاوف جنبلاط فهو تعيين صالح الغريب، المقرب من إرسلان ونسيبه الشيخ الغريب، وزير دولة لشؤون النازحين، الأمر الذي استشعر منه جنبلاط تطويقاً من حلفاء سوريا له وتعزيزاً للحلف المناهض له وسط الدروز، الذي يترأسه إرسلان والغريب إلى جانب الوزير السابق وئام وهاب والنائب السابق فيصل الداود، ما دفعه لأن يتهم الوزير الغريب بأن ″لونه سوري″.
هذه الخطوات قرأها جنبلاط على أنها إستهداف سياسي له، كانت تستهدف أيضاً حزب القوات اللبنانية، ما دفع بيك المختارة إلى التيقن بأن الحريري يستجيب لمطالب باسيل باستهدافه كلا الطرفين كي تخلو الساحة له، بتطويق جنبلاط والقوات وتحجيمهما سياسياً داخل الحكومة، أو إبعادهما عنها إن أمكنه ذلك.
كل ذلك دفع إلى ظهور علامات القلق والتوتر والغضب لدى جنبلاط، بعدما رأى أنه خسر صفة ″بيضة القبان″ التي كان يملكها سابقاً باقتدار، وأن الحريري تخلى عن تحالفه مع جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لمصلحة حلفه الجديد مع عون باسيل، عدا عن أن جنبلاط يجد نفسه وحيداً بلا أي حليف لأول مرّة منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990؛ ففريق 14 آذار الذي كان ″رأس″ حربته أصبح في خبر كان، وفريق 8 آذار المتحالف مع سوريا يعرف جنبلاط أن انقلابه وتحوّله إلى التحالف معه، لو استطاع وإذا قبل الطرف الاخر به، سيكلفه الكثير.
مواضيع ذات صلة:
-
التشكيلة الحكومية: رابحون وخاسرون… عبد الكافي الصمد
-
اللقاء التشاوري: رسائل سياسية كسرت قواعد السلطة… عبد الكافي الصمد
-
سجال باسيل ـ المرعبي حول النّازحين: بوادر أزمة أم مجرد تباين؟… عبد الكافي الصمد