كثيرة هي الجمعيات والمؤسسات التي ترفع شعار العمل الاجتماعي والانساني، وقد تضاعف عددها مع النزوح السوري الذي كان بمثابة ″باب رزق″ للكثيرين ممن استغلوا معاناة هؤلاء وجنوا ثروات مالية لحسابهم الشخصي، الامر الذي دفع بعض الدول عن التوقف عن تقديم المساعدات وتحديدا الدول الخليجية، التي انفقت وفق المعلومات عشرات ملايين الدولارات، وان كان هناك من يحملها مسؤولية اختيارها الخاطىء لتلك الجمعيات او الاشخاص.
ليست الدول الخليجية وحدها التي كانت تغدق الاموال على لبنان لدعم النزوح السوري ومساعدة المجتمعات المضيفة، فهناك الامم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي دخلت على الخط وغرق بعضها في بحر الفساد والهدر على مشاريع لا تغني ولا تسمن من جوع، فضاعت الاموال وكانت النتيجة مأساوية على عشرات الالاف من النازحين واقرانهم من اللبنانيين الذين تتكشف يوما بعد يوم حقيقة الاموال التي تم الاستيلاء عليها باسمهم.
مع كل كارثة، امنية كانت او اجتماعية او نتيجة غضب الطبيعة، تعود تلك الجمعيات الى الواجهة متحصنة بشعارات وبعبارات دينية، لتسلط الضوء على معاناة المتضررين، مستخدمة اقسى الصور التي تقشعر لها الابدان لاستمالة المحسنين ودفعهم الى عمل ″الخير″، غير ابهة بالضرر النفسي المباشر الذي يقع على مشاهدي تلك الصور او الضرر المعنوي على هؤلاء الذين يتم التقاط الصور لهم وهم ينتظرون دورهم للحصول على مساعدة هم بامس الحاجة اليها.
بعد العاصفة نورما، التي تسببت باضرار كبيرة لا سيما في مخيمات النازحين السوريين، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي صورا للمتضررين وجلهم من الاطفال العراة، وقد غمرت خيامهم المياه او الثلوج، في محاولة من تلك الجمعيات للاضاءة على معاناة هؤلاء، وبعض تلك الجمعيات يستعين بمصورين محترفين لالتقاط اقسى الصور واكثرها بؤسا لنساء واطفال وشيوخ، وهم يمدون أيديهم للحصول على “كرتونة” اعاشة او غطاء او رغيف خبز.
ويتبدى من وراء تلك الصور وكأن بعض تلك الجمعيات دخلت في منافسة فيما بينها لالتقاط اجمل الصور للمحتاجين واكثرها انتهاكا لكرامتهم، وقد جندت ماكيناتها الاعلامية ووفرت اموالا طائلة لذلك العمل، الذي يمكن ان يسهم في اطعام عشرات الفقراء لو انفق في غير حملاتهم الاعلامية والدعائية، وهي حملات باتت عنوانا للمنظمات الدولية التي على ما يبدو تسعى من خلفها الى التغطية على امور اخرى حول مصير الاموال التي وصلت اليها وانفقتها من دون معرفة كيف ولمن.
مواضيع ذات صلة:
-
إنتفاضة في طرابلس ضد الفقر. ماذا يحصل؟… عمر ابراهيم
-
عام 2019 سيشهد اكبر عملية عودة للنازحين.. من سيساهم في تمويلها؟… عمر ابراهيم
-
هل المخاوف من عودة النازحين السوريين سياسية.. ام لها خلفيات اخرى؟… عمر ابراهيم