الرئيس نبيه بري: ″سعد.. من يؤلّف الحكومة؟ أنت أم جبران؟ إخترعتم قصة (جواد) عدره وقبلناها، ثم انقلب عليها جبران، والآن تريدون إنتزاع وزارات منا لمصلحة جبران؟″.
الرئيس سعد الحريري: ″أنا ما خصني بقصة عدرة .. وهذه مطالب جبران ورئيس الجمهورية″.
هذا بعض ما جرى من حديث بين رئيسي مجلس النواب ورئيس الحكومة المكلف بعد لقاء جمعهما في مقر الرئاسة الثانية، يوم السبت 22 كانون الأول الجاري، وفق ما نقلت جريدة ″الأخبار″ أول من أمس السبت، وهو لقاء كان متوتراً ولم تتجاوز مدّته 15 دقيقة، بعدما جاء الحريري حاملاً إلى رئيس المجلس طلبات وزير الخارجية جبران باسيل، وهي تخلّي بري عن وزارة البيئة لمصلحة التيار الوطني الحر، وتسليم وزارة الإعلام لحركة أمل، وإخراج الشباب والرياضة من حصة حزب الله وتسليم الحزب وزارة دولة.
ما دار في ذلك اللقاء نُشر بعضه في أكثر من وسيلة إعلامية، إلى أن نشرته جريدة ″الأخبار″ على شكل محضر جلسة جرى تسريبه، ما دفع مصدر مقرب من الحريري إلى الرد (غالباً ما كان مكتبه الإعلامي يردّ ويوضح)، بأن ما نُشر عن اللقاء بين بري والحريري “يتضمن على جري عادتها (للجريدة) رواية مختلقة ومحرّفة، وإسقاطاً لحوار لا أساس له من الصحّة″.
لكن ردّ الحريري تدحضه الوقائع على الأرض، وممارساته ومواقفه منذ اليوم الأول لتكليفه تأليف الحكومة قبل 221 يوماً في 24 أيار الفائت، إذ يبدو تكليفه شكلياً لأن سواه من تيارات وقوى سياسية هي التي تعمل على تأليف الحكومة لا هو، وتضع الشروط، وتوزع الحقائب والحصص على الآخرين، بينما هو يقف موقف المتفرج، ما جعله الطرف الأضعف بين كل الأطراف المعنيين، إلى درجة أنه تنازل عن الكثير من صلاحياته التي أعطاه إياها الدستور، وتحوّل من رئيس مكلف له وحده حق تأليف الحكومة، بالتعاون مع رئيس الجمهورية، إلى ساعي بريد.
بعد الكلام العنيف الذي أسمعه إياه بري، إنسحب الحريري من المشهد واختار الصمت، الذي حاول مقربون منه تصويره على أنه فضيلة وعنصر قوة، كما كان يفعل قبله رؤساء حكومات سابقين إبان الازمات، متناسين أن صمت رؤساء الحكومات السابقين كان يدفع الآخرين لمحاورتهم والنزول عند خاطرهم، نتيجة تشبثهم بمواقفهم، وليس الإكتفاء بالوقوف موقف المتفرج على آخرين يقومون هم بتأليف الحكومة بدلاً عنهم، وعندما ينتهون منها يستدعونهم لإعلانها والتوقيع على مرسوم تشكيلها.
فالحريري منذ اليوم الأول لتكليفه، لم يعمل بما يمليه عليه الدستور وما يمنحه من صلاحيات وردت في اتفاق الطائف، وأظهر ضعفاً وقلة خبرة إنعكستا في أدائه، وأثرتا سلباً على موقع السنّة الأول في السلطة؛ فهو نزل أولاً عند مطالب خصومه في السلطة، من حزب الله إلى حركة أمل وتيار المردة والتيار الوطني الحر، ورفض تشكيل الحكومة من دون حليفيه القوات اللبنانية واللقاء الديمقراطي، تاركاً لهم إختيار الحقائب الوزارية التي يريدونها، بالتفاهم في ما بينهم، وتسمية الوزراء العائدين لهم، متجاهلاً أن مجلس الوزراء يفترض أن يكون فريق عمل مساعد له، وأنه يجب أن تكون له كلمة ورأي بالموضوع.
لكن الحريري لم يظهر عضلاته السّياسية ويضرب رجليه بالأرض إلا في وجه خصومه داخل الطائفة السنّية، رافضاً مشاركتهم في الحكومة ومصرّاً على احتكار تمثيل السنّة وزارياً لنفسه ولتيار المستقبل، محاولاً القفز فوق نتائج الإنتخابات النيابية، بالرغم من أنهم أظهروا حرصهم على مقام رئاسة الحكومة أكثر منه، ومتشبثاً بآحادية سياسية أوصلت الطائفة السنّية والبلد إلى ما هما عليه اليوم من أزمات، وجعلت الحريري يقول لبرّي: ″أنا ما خصني!″.
مواضيع ذات صلة:
-
هل تدفع العقد الجديدة بالحريري إلى الإعتذار؟… عبد الكافي الصمد
-
الحكومة تتعثّر بين ″جموح″ باسيل و″غيبوبة″ الحريري… عبد الكافي الصمد
-
هل يطول إنتظار ولادة الحكومة حتى الربيع؟… عبد الكافي الصمد