جمعت طرابلس كل لبنان في تظاهرة ميلادية كبرى من خلال أمسية ″طرابلس تغني الميلاد3″ التي نظمتها جمعية ″سوشيل واي″ برئاسة السيدة وفا خوري، بالشراكة مع العازفة فاديا دوماني، وبرعاية النائب نقولا نحاس وبمشاركة من النائب ديما جمالي، في معرض رشيد كرامي الدولي، وبمشاركة فرق كورال من كل المناطق اللبنانية وبمشاركة أيضا من المؤلف الموسيقي د.هتاف خوري والعازفة العالمية تتيانا خوري والسوبرانو نادين نصار والتينور جوزيف دحدح قدموا أجمل التراتيل والترانيم والأناشيد الميلادية التي تفاعل معها الجمهور الغفير الذي حضر بكثافة بشكل فاق كل التوقعات، وضاقت به قاعة المؤتمرات الكبرى حتى فاضت بالجمهور الى خارجها في حشد إستثنائي لم تشهد الفيحاء مثيلا له من قبل.
شكل الحشد الكبير الذي حضر الأمسية رسالة واضحة نجحت جمعية ″سوشيل واي″ في إيصالها الى كل العالم بأن طرابلس كانت وما تزال وستبقى مدينة العيش الواحد والتلاقي والانفتاح والتسامح، وأن المدينة قد إستعادت حضورها وتألقها بين المدن اللبنانية، وأن ما تستطيع القيام به في كل المناسبات لا يضاهيها فيه أي مدينة أخرى.
كما شكل الحشد الكبير من جهة ثانية، إرباكا لجمعية ″سوشيل واي″، نظرا لتدفق الحشد البشري غير المتوقع وغير المسبوق الى الأمسية والذي ضرب كل التنظيم والبروتوكول المعتمد، ما دفعها الى توجيه إعتذار الى جميع الحضور وخصوصا ممن لم يجدوا أماكن لهم، مؤكدة أنها تحرص دائما على إحترام وإجلال أصدقائها ومدعويها وزوارها الذين تتشارك معهم في آداء رسالة إنسانية إجتماعية سامية.
حضر الحفل ممثلون عن الرئيس نجيب ميقاتي ووزراء ونواب طرابلس والشمال ومطارنة المدينة وشخصيات سياسية وحزبية وإجتماعية إقتصادية وأمنية وعسكرية وحقوقية وأكاديمية وثقافية وفنية وإعلامية، وهيئات المجتمع المدني والأهلي ورؤساء الجمعيات وحشد كبير جاء الى طرابلس من الأقضية الشمالية والمناطق اللبنانية.
النشيد الوطني اللبناني بداية، فكلمة من الاعلامي غسان ريفي الذي أكد فيها أن ″ميلاد طرابلس أمن وسلام وإطمئنان ومحبة وتلاق وحوار وإنفتاح ورسالة من مدينة العلم والعلماء الى كل لبنان والعالم″، ثم كلمة ميلادية من الطفلة سيلين إيلي بيطار.
ثم ألقت رئيسة جمعية ″سوشيل واي″ كلمة رحبت فيها بالحشد الكبير في ″طرابلس تغني الميلاد3″، وقالت: ″قبل سنوات وتحديدا في العام 2014، وبينما كانت طرابلس تواجه كل أنواع الاتهامات تارة بالتطرف، وطورا بالعنف والتقوقع، كسرنا في جمعية ″سوشيل واي″ بقوة الإيمان كل حواجز الخوف، وتجاوزنا كل العراقيل، وأدخلنا الفرح الى المدينة من بابها الواسع، من خلال أمسية ″طرابلس تغني الميلاد″، وأكملنا المسيرة.″
وأضافت: ″طرابلس تغني الميلاد 3″ هي أمسية مزجت فيها الإختلافات بكل محبة وشراكة وتعاون، فتحولت إلى إبداع فني متكامل، يحييه عدد غير مسبوق من فرق الكورال من مختلف المناطق اللبنانية ومن كل الطوائف والمذاهب، كبارا وصغارا، هواة ومحترفين، إضافة الى ذوي الاحتياجات الخاصة، والمكفوفين، واللاجئين السوريين والعراقيين والفلسطينيين، وفنانون وعازفون من جنسيات مختلفة، جمعهم كلهم الميلاد المجيد ووحدتهم الكلمة والنغمة والترنيمة لتأتي هذه الأمسية خطوة متقدمة على صعيد تعزيز الشراكة التي نؤمن بها في جمعية ″سوشيل واي″ ونحمل شعارها دائما ″شراكة الآخر″. هذه الأمسية جامعة ْ مستوحاة من نهج لطالما اعتنقناهُ ومارسناهُ نحنُ أبناءُ طرابلس، مسيحيوها ومسلموها، نهجُ الإيمان ِ بالإنسان وبرسالةَ ِالإرتقاء بالإنسانية. فالدين يجمع لا يفرق، والدين ساحة تلاق، لا عداوة وبغضاء فيها، والدين محبة، وفي المحبة تسامح وتجدد وحياة. وفي ميلادِ يسوع المسيح حياة تفاؤلٍ وأمل، خلاص من الظلم ِ والظلمة، فرحة في كل حي ومنزل. ″أبانا الذي في السماوات، اهدنا الصراط المستقيم، وليكن ميلاد طرابلس وهجا يشع نورا على قيمنا العائلية والإنسانية الواحدة″.
وختمت خوري: وُلد يسوع المسيح فاليُمحى البغض ولتدفن الحرب ولينبتْ الحب، شاكرة كل الرعاة والداعمين وكل من ساهم في إنجاح هذه الأمسية.
ثم ألقى راعي الاحتفال النائب نقولا نحاس كلمة قال فيها: ″طرابلس تغني الميلاد، هذا نغم فرح، نغم إستشراف نور من السماء، نور يبشر بالمحبة، نور يدعو الانسان الى التقرب من محبة الله من أجل إحتضان أخيه الانسان. طرابلس تغني الميلاد تراث عايشته المدينة ناهلة من هذا النغم الذي طبعها على مدى العصور، وها هي تستعيد زخمه ونبضه لأن بقدر ما قست الأيام عليها تبقى عاصية منتفضة أبدا على كل آفات الظلم″..
وأضاف: ″طرابلس تغني الميلاد، هي صرخة من أفواه المرنمين لتؤكد أنها منارة العيش الواحد والتلاقي والتفاعل بين كل مكونات أبنائها على مختلف الصعد.. وطرابلس اليوم لا تغني الميلاد مع الكورال الموجود من كل المناطق، بل لبنان كله يغني الميلاد عبر طرابلس ، وهي دلالة الى عودة المدينة لدورها منارة حقيقية ومدينة علم وعلماء.″
ثم إنطلقت الأمسية الموسيقية تحت إشراف العازفة فاديا دوماني التي تولت التوزيع الموسيقي وإدارة المسرح، وبمشاركة فرق الكورال: المعهد الوطني للموسيقى، أكاديمية إلياس الرحباني للموسيقى، جامعة البلمند، الجامعة الأنطونية ـ مجدليا، المدرسة اللبنانية للضرير والأصم ـ الحدث ـ بعبدا، واحة الفرح لذوي الاحتياجات الخاصة، ليسيه سان نقولا عين المير ـ صيدا، المفوضية العامة للاجئين، مدرسة العزم، مدرسة البنات الوطنية للروم الأرثوذكس ـ طرابلس، المدرسة الوطنية الأرثوذكسية ـ عكار، الثانوية الوطنية الأرثوذكسية (مار إلياس) الميناء، ثانوية بكفتين الأرثوذكسية، مرتل مطرانية الروم الكاثوليك ـ طرابلس، إضافة الى منشدين من اللاجئين السوريين والعراقيين.
وقد غنت هذه الفرق على مدار ساعة ونصف الساعة باقة من الأغاني الميلادية، وتخلل ذلك قراءات من الانجيل المقدس والقرآن الكريم للنائب نقولا نحاس والنائب ديما جمالي، لتستكمل الأمسية بعد ذلك وسط تفاعل كبير من الجمهور الذين تسمروا على كراسيهم طيلة الأمسية تعبيرا عن الفرح والاعجاب بما يقدمه أكثر من 220 منشدا إجتمعوا على المسرح وقدموا أجمل ما لديهم.