دُفنت سريعاً فكرة مشاركة اللقاء التشاوري للنوّاب السنّة الستّة في الحكومة، وبدا المخرج الذي تحدث عنه كثيرون في الآونة الأخيرة، ووصفوه بأنه الأنسب، وكأنه تعبير عن استمرار الأزمة وليس البحث عن حلّ لعقدة التمثيل السنّي في الحكومة.
وتتلخص الفكرة ـ المخرج التي رُوّج لها على أكثر من نطاق، حتى كاد البعض يظنّ لأول وهلة أن الحكومة ستولد في غضون الساعات القليلة المقبلة، أن يعلن رئيس الجمهورية ميشال عون عن إعطاء حقيبة وزارية من حصته لنواب اللقاء التشاوري، على أن يتنازلوا عن طلبهم الذي يتمسكون به بتمثيل أحدهم في الحكومة، ويُسمّون شخصاً من خارجهم لا يكون إستفزازياً يجري توزيره في حكومة الرئيس المكلف سعد الحريري، يقوم بعدها الأخير بقبوله استقبالهم، لتنتهي بذلك العقدة السنّية وتصدر بعدها مراسيم التأليف.
وواكب ترويج هذه الفكرة إيحاءات من أكثر من طرف في هذا الأتجاه، وأن الجميع سيخرجون بعد التسوية نصف رابح ونصف خاسر، ويتوافقون وفق قاعدة التوافق اللبنانية الشهيرة من أنه لا غالب ولا مغلوب.
لكن هذه الفكرة ـ المخرج، التي قيل إن تنفيذها سيبدأ اليوم أو غداً على أبعد تقدير، بعد عودة الحريري من زيارته الأوروبية، نسفها رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي، وأقفل الباب بوجهها مسبقاً، قاطعاً الطريق على أي طرف يسعى لحلّ العقدة السنّية وفقها، بعدما وصفها بأنها ″مهزلة″ و″إهانة″ .
فقد رأى أفندي طرابلس في بيان له أنه ″إذا كان أصحاب خريطة التخريجة الحكومية جادّين في المبادرة، التي تقول بأن استقبال رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري للنواب السنّة الستة المستقلين هو تنازل سيقابله تنازل منهم بالقبول بتوزير سنّي من خارجهم، فإنني أبلغهم جميعاً أن هذه مهزلة لا تمتّ إلى السّياسة والجدّية بصلة″.
ورأى أنه ″مع احترامي للجميع فإن كل واحد منا تاريخه معروف. وأنا لا أنتظر أن يستقبلني أحد مهما علا شأنه متنازلاً بأنه استقبلني. وعليهم أن يبحثوا عن غيري لكي يعرضوا عليه هذه الإهانة″.
هذا الموقف الرافض من كرامي للفكرة ـ المخرج جعل تيار المستقبل يصوب سهامه نحوه، بعدما خرج عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش، والمرشح لتولي حقيبة وزارية من حصة التيار الازرق، بتصريح دلّ أن الأمور ذاهبة إلى التصعيد بدل الحلحلة، وأن الأبواب مقفلة أمام مساعي الحلول، عندما رأى أمس في تصريح لقناة ″إم. تي. في″ أنه ″بغضّ النظر عن رأي الرئيس سعد الحريري، فإنّ إسم فيصل كرامي برأيي مستفزّ لأهالي شهداء مسجدَي السلام والتقوى″، وهو ما جعل وسائل التواصل الإجتماعي تلتهب أمس بمواقف سياسية حادّة من مناصري الطرفين نكئت فيه جميع الجروح القديمة، وطرح تساؤلات حول إن كان موقف علوش ذاتياً ونابعاً منه، أم جاء بإيعاز من الحريري وفريقه السياسي من أجل قطع الطريق مسبقاً على أيّ حل مرتقب.
هذا السجال الإعلامي بين كرامي وعلوش ـ المستقبل، ينتظر أن يحضر في الإجتماع الذي سيعقده نواب اللقاء التشاوري اليوم في منزل عضو اللقاء النائب عبد الرحيم مراد في بيروت، للتداول بآخر المستجدات على صعيد الأزمة الحكومية.
وفي هذا السياق يأتي الموقف اللافت للنائب السابق غازي العريضي المؤيد لموقف نواب اللقاء التشاوري وداعماً لمطلبهم، ويعكس بشكل أو بآخر موقفاً ضمنياً مشابهاً لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وتعبيراً عن إفتراق زعيم المختارة عن موقف الحريري من مسألة توزير نواب اللقاء التشاوري، واقتراباً من موقف نواب سنّة خارج الخيمة الزرقاء.
فقد شدّد العريضي على أن النوّاب السنّة المستقلين، منتخبون ويمثلون الناس، ولهم الحق بالتمثل بالحكومة، وهي مسؤولية الرئيس المكلف سعد الحريري بشكل أساسي، وهو المسؤول الذي لا يجوز أن يرفض إستقبال نواب يطلبون موعداً منه، مؤكداً أن ″المشكلة الأساسية في تشكيل الحكومة هي في المعايير المزدوجة التي تشكل على أساسها الحكومة، والتي تتعارض كلها مع الدستور، إذ لا يمكن بالتناقضات التي تمّت تشكيل حكومة، ونحن لم نشهد هذه الطريقة، بالتشكيل، في تاريخ تأليف الحكومات في لبنان، منذ الطائف وحتى الأمس″.
مواضيع ذات صلة:
-
الحكومة والعقدة السنّية: تأزيم وتصعيد وأفقٌ مسدود… عبد الكافي الصمد
-
وساطة باسيل لحلّ العقدة السنّية: الدخان الأبيض لم يخرج… عبد الكافي الصمد
-
خمسة خيارات أمام الحريري اليوم: تسوية أم تهدئة أم تصعيد؟ّ… عبد الكافي الصمد