هي ″النقطة على السطر″ التي جعلت أكثرية السياسيين أسرى مواقفهم، حيث باتت هذه ″النقطة″ عبارة عن ″كليشيه″ تنتهي بها البيانات والتصريحات للدلاله على رفع منسوب التحدي الذي جعل البلاد في فراغ حكومي قاتل لأكثر من مئتيّ يوم، وعطل كثيرا من المبادرات التي كان بإمكانها أن تساهم في تسهيل ولادة الحكومة.
لم تبق صيغة إلا وتم طرحها بهدف الوصول الى حكومة ترضي الأطراف وتساعد في حل الأزمة، من الثلاثين وزيرا المتعارف عليها في الحكومات السابقة، صعودا الى 32 وزيرا، ونزولا الى 24، ثم الى 18، وأيضا الى 14، فضلا عن حكومة تكنوقراط، الى حكومة أقطاب، أو خبراء، وكل ذلك لم يسفر عن أية نتيجة إيجابية، بل إستمر التعطيل سيد الموقف، وإستمرت التيارات السياسية أسيرة ″النقطة″ التي وضعتها في آخر السطر.
مع المشاورات التي أطلقها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والتي نجح من خلالها في تحريك المياه الحكومية الراكدة، وإعادة بعضا من الأمل الى اللبنانيين بامكانية أن تبصر حكومتهم النور، يتم التداول بخطة باء وهي طرح حكومة مصغرة من 18 وزيرا، وهذا الطرح قابله طرح حاول البعض إحياءه بتوسيع الحكومة الى 32 وزيرا وقد وجد ذلك تبنيا كاملا من الوزير جبران باسيل الذي يضمن من خلال هذه التوسعة حصول تياره على الثلث المعطل بـ 11 وزيرا.
حاول باسيل تسويق فكرة الـ 32، وصولا الى إغراء الرئيس سعد الحريري باعطائه الوزيرين المضافين العلوي والأقليات، لكن الرئيس المكلف سرعان ما أجهض هذا الطرح بوضع النقطة على السطر، حيث تشير مصادر مقربة من بيت الوسط أن ″الحريري لن يسجل على نفسه إعطاء مقعد وزاري للطائفة العلوية المعروفة بقربها من النظام في سوريا ولو كان الوزير العلوي من جماعته أو من المحسوبين عليه، وأن ما لم يفعله والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري خلال الوجود السوري في لبنان، لن يفعله هو في ظل العداء القائم بينه وبين النظام في سوريا″.
وبالرغم من معارضة البعض للحريري وهواجسه العلوية، خصوصا أنه سبق أن ضم الى كتلته نائب علوي هو الراحل بدر ونوس الذي بقي ملتزما بتوجهات تيار المستقبل حتى الرمق الأخير، إلا أن الحريري رفض الأمر جملة وتفصيلا وطوى هذا الطرح بشكل نهائي.
أما طرح تخقيض عدد وزراء الحكومة الى 18 وزيرا فقد تنقل في الأيام الماضية في مواقع القرار لبنانيا، وطار الى لندن، لكنه تعثر في عين التينة بتحفظ الرئيس نبيه بري عليه وقد عبر الوزير علي حسن خليل عن هذا التحفظ بالقول: ″لا نريد العودة الى الوراء طالما أن العقدة باتت محددة بتمثيل اللقاء التشاوري في الحكومة″، ولم يأت إعتراض بري من فراغ، خصوصا أن المسألة ليست عددية بالنسبة للحكومة، بل هي في مراعاة نتائج الانتخابات النيابية، خصوصا أن عضو اللقاء التشاوري النائب الوليد سكرية أثار هذا الأمر بعد اللقاء مع رئيس الجمهورية بأنه في صيغة الـ 18 وزيرا تكون حصة الطائفة السنية أربعة وزراء، ومن حقنا أن نتمثل بوزير منهم، ما يؤكد أن الأزمة ستبقى قائمة مهما بلغ عدد وزراء الحكومة طالما أن الرئيس الحريري يرفض تمثيل نواب سنة 8 آذار.
كل ذلك، يؤكد أن الحكومة الثلاثينية باتت أمرا واقعا، وأن لا مفر منها و″نقطة على السطر″، وأن الجميع ينتظر ما سينتج عن مشاورات رئيس الجمهورية التي تنتظر عودة الرئيس الحريري الى لبنان ليبنى على الشيء مقتضاه.
مواضيع ذات صلة:
-
هل يُنتج ″العصف الفكري″ إنفراجا حكوميا؟… غسان ريفي
-
رئيس الجمهورية يستبدل ″الرسالة البرلمانية″ بلقاءات تشاورية… غسان ريفي
-
الحكومة مؤجلة.. هل يؤدي تسخين الشارع الى تنازلات؟… غسان ريفي